رأي

محمد بابكر يكتب: كيف نهدم دولة الفساد ؟

رأي: خطوة برس

منذ اندلاع الحرب في السودان في أبريل 2023 بعد تمرد مليشيا الدعم السريع، انزلقت البلاد إلى هاوية من الانهيار المؤسسي، والانفلات الأمني، والانقسام السياسي والاجتماعي العميق.

لم يقتصر الدمار على البنية التحتية والمجتمعات، بل امتد وتعدي ذلك ليشمل النسيج الأخلاقي للدولة، حيث وجدت آفة الفساد بيئة خصبة للتفشي والازدهار.
ففي أوقات النزاعات، تزداد هشاشة مؤسسات الدولة، وتغيب الرقابة الفاعلة، ويستغل ضعيفي التفوس الظروف الأمنية والمعيشية الصعبة لتحقيق مكاسب غير مشروعة، مما يفاقم من معاناة المواطنين ويعرقل أي جهود للإغاثة أو الاعمارو إعادة البناء.

أن الفساد الإداري والسياسي مع انهيار سلطة الدولة المركزية في العديد من المناطق السودانية ابان تمرد الدعم السريع حولت مؤسسات الدولة، التي من المفترض أن تخدم المواطنين، إلى أدوات في أيدي الفاسدين الذين حاربو الشعب في حله وترحاله.

لقد أدى هذا الانهيار إلى تفشي المحسوبية في التوظيف.

وقد تحدث عدد من قادة الدولة علنًا عن هذه التجاوزات، بما في ذلك الفريق اول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة و الذي انتقد تجاوزات في الخدمة المدنية والمحاباة في التعيينات، ووصف نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار الفساد بأنه مستفحل
كما أشار الفريق ياسر العطا في كثير من خطاباته بأن المفسدين الموالين للمليشيا موجودون في مفاصل للدولة ودعا لاقتلاعهم ومحاسبتهم.

هذا الاعتراف من قبل اكبر المسؤولين في للدرلة يؤكد مدى انتشار وتجذر الفساد الإداري والسياسي في البلاد.
في حالة الفوضى وانعدام الرقابة التي خلقتها الحرب

بعض الجهات استغلت ذلك ونهبت ثروات و موارد السودان وتراثه واثاره بتخطيط دقيق.

كما تم تهريب كميات كبيرة من السلع المدعومة إلى خارج البلاد، مما ساهم في ارتفاع الأسعار وانعدام الأمن الغذائي للمواطنين

ايضا المنظمات الإنسانية واجهت صعوبات جمة في الوصول إلى المناطق المتأثرة بالنزاع بسبب سيطرة مليشيا الدعم السريع واشتراطها الحصول عل“إتاوات” مقابل السماح و العبور او حرق تلك الإغاثة لينتشر الجوع وسط المواطنين. َ

إن المواطن السوداني هو الخاسر الأكبر من هذه المنظومة الفاسدة. فبينما يزداد عدد النازحين والجوعى، تُهدر الموارد وتباع في الأسواق وتخزن في المخازن.
لقد أصبحت المؤسسات التي كان من المفترض أن تحمي المواطن وتخدمه غائبة أو مشلولة.
ومع غياب المحاسبة والعدالة، يجد المواطن نفسه في حلقة مفرغة من الفقر والعنف، وانعدام الأمل

الفساد المستشري يفاقم معاناة السودانيين مع استمرار الحرب التي تشهد انتهاكات مروعة لحقوق الإنسان من قبل مليشيا الدعم ااسريع

لا يمكن أن تنتظر الدولة نهاية الحرب بل يجب أن نعمل على محاربة الفساد وتنادي بالحث على ذلك.
فبدون محاسبة حقيقية للمفسدين، وإصلاح شامل للمؤسسات، وفرض الشفافية، ستظل البلاد تدور في دوامة العنف والانهيار

من الخطوات التي يمكن للدولة أن تتحرك فيها لمكافحة الفساد إنشاء مفوضية وطنية مستقلة لمكافحة الفساد على ان تمنح صلاحيات حقيقية للتحقيق والملاحقة

انشاء محكمة متخصصة في جرائم الفساد تجمع بين الكفاءة والسرعة لضمان قانون صارم للذمة و رقمنة الخدمات الحكومية لتقليل التماس المباشر وتقليص فرص الرشوة

إقامة حملات إعلامية وطنية بشعارات قوية لمحاربة الفساد وتوعية الجمهور

حماية الصحفيين والمبلغين عن الفساد لتمكينهم من أداء دورهم في كشف الفساد

تطهير المواقع الحساسة في الدولة من المفسدين

تمكين المجتمع للمشاركة في الرقابة الشعبية وضمان الشفافية والمساءلة

السيد رئيس الوزراء الموقر
أن اصلاح الدولة لا يكمن في الوزارات او عبر وزراء كفاءات إن اصلاح الدولة يبدا من الدواوين. نعم دواوين الدولة وهي.
ديوان المراجع العام للحفاظ علي اموال الدولة عبر مراجعين اقوياء بصلاحيات واسعة.

ديوان النائب العام عبر وكلاء نيابة بصلاحيات واسعة وقوانين رادعة.

ديوان الحكم الاتحادي بصلاحيات رقابية حازمة للولادة.

ديوان شئون الخدمة المدنية والذي يمنع التوظيف الا عبر لجانه ووضع قوانين رادعة لمن يتجاوز فرص التوظيف.

ديوان الحسابات لانفاذ الموازنة العامة للدولة.

ديوان المراجعة الداخلية لاجهزة الدولة بصلاحيات واسعة.
وحينما يتم توسيع صلاحيات هذه الدواوين لن يتجرا وزير او موظف او سمسار للدخول الي عالم الفساد.
اضافة لسلطة قضائية بصلاحيات عليا.

هكذا يمكن للدولة ان تحاصر التسيب والفساد المالي والاداري وسماسرة التجارة والسياسة..

غالبا في بلادي كل سياسي تاجر وكل تاجر لصيق بالسياسي. لذلك حتي السوق اصبح فاسدا الا من رحم ربي

إن الفساد في السودان ليس قدرًا محتومًا، بل هو معركة يجب أن تُكسب إذا قدر للسودان أن يتعافى وينهض وذلك يتطلب إرادة سياسية واضحة، وثورة أخلاقية، وإيمانًا ببناء دولة عادلة وشفافة ومبنية على سيادة القانون فهذا هو السبيل الوحيد للخروج من دوامة العنف والانهيار.

إن دولة الفساد لو تركت تنعم بالأمن والأمان لاتخشي شيئا واصبح مفسدوها هم الأمرون وهم المتحدثون باسم الشعب فإن دولتنا التي أردنا ستمضي الي زوال.
السيد رئيس الوزراء هذه فرصتك لتكون أنجح رئيس وزراء مر علي البلاد… اضرب على الفساد بيد من حديد واجعل محاربته أولى أولوياتك ولا تجامل في حق الوطن والمواطن قيد أنملة.
ولاتستمع للمفسدين ولاتقربهم واجعل بينك وبينهم سدا منيعا حينها سيلتف الشعب من حولك ومن هنا تستمد شرعيتك.

تفقد الرعية وانصت اليها واستمع تكن من الفائزين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى