رأي

قراءة في كتاب[[ الاقتصاد الجديد للصناعة والحكومة والتعليم ]] للفيلسوف ويليام ادوارد ديمنج

بقلم : د. بابكر عبد الله محمد

بسم الله الرحمن الرحيم

قراءة في كتاب[[ الاقتصاد الجديد للصناعة والحكومة والتعليم ]] للفيلسوف ويليام ادوارد ديمنج
دراسة وتحليل د. بابكر عبدالله محمد علي

يعبر الكتاب من مفهوم عميق عن فلسفة ادارة الحكومة والصناعة والتعليم …ويعطي ملمحا
للتعريف الموسع بـ”الاقتصاد الحديث” ووفقًا لـ د. ديمنج: فان لديه رؤية تحويلية للصناعة والحكومة والتعليم.
1. جوهر “الاقتصاد الحديث” عند ديمنج: نقد النمط التقليدي وتقديم اطار معرفي قابل للتطبيق إطار جديد ..
يرى ديمنج أن الاقتصاد التقليدي قائم على “السجن الإداري” الناتج عن: المنافسة المدمرة: بين الأفراد، الإدارات، المؤسسات، مما يقوض التعاون ويُفقد النظام تكامله .
الممارسات الإدارية الخاطئة: مثل التقييم السنوي، الحوافز المادية، إدارة بالأهداف (MBO)، والتي تُعد “أمراضًا قاتلة” تُسبب الهدر وتبديد الطاقات .
التركيز على النتائج قصيرة المدى: كالأرباح الربعية، مع إهمال الرؤية طويلة الأمد .
الحل يكمن في نظام المعرفة العميقة (System of Profound Knowledge) وهو الإطار النظري الذي قدمه في هذا الكتاب، ويتألف من أربعة مكونات متكاملة :
1/تقدير النظام (Appreciation for a System): المؤسسة “نظام متكامل” من الموردين إلى العملاء، وليس أقسامًا منعزلة.
2/ فهم التباين (Knowledge of Variation): التمييز بين مشاكل النظام (أسباب شائعة) وأخطاء الأفراد (أسباب خاصة).
3/ نظرية المعرفة (Theory of Knowledge): القرارات يجب أن تقوم على تحليل البيانات، وليس الحدس.
4/ علم النفس (Psychology): تحفيز العاملين عبر “الفرح بالعمل” بدلًا من الرقابة والعقوبات.
صناعة الحكومة والتعليم منهجية ديمنج التحويلية
أولًا:الحكومة كنظام تعاوني (لا تنافسي)
– إلغاء المركزية المتصارعة العمل بين الوزارات كشبكة متكاملة لتحقيق “الصالح العام” بدلًا من تحسين أداء كل وزارة بمعزل عن الأخرى .
– معايير الجودة في الخدمات العامة مثل تقليل التباين في مواعيد تسليم الخدمات (كتراخيص البناء)، وليس خفض التكاليف فقط .
دور الحكومة كميسر: تشجيع التعاون بين الشركات لتنمية السوق ككل (مثال: شركتا بنزين تتعاونان في خدمة العملاء ليلًا) .
ثانيًا: التعليم كبيئة تعلم (لا تصنيف)
إلغاء التقييم بالدرجات في التعليم لأن التصنيف يُدمر دافعية الطلاب ويُهمش “متعة التعلُّم” .
-إعادة تصميم المنظومة التعليمية:
تحويل الفصل إلى “نظام تعاوني” (مشاريع جماعية تركز على حل المشكلات).
– تدريب المدرسين على تحليل بيانات الطلاب لفهم أسباب التباين في الأداء، وليس لوم الطالب .
ثالثا : ربط التعليم بالصناعة: تطوير مناهج تستند إلى “نظرية المعرفة” (مثل تطبيق PDSA: خطط–نفذ–ادرس–تصرف) .والتي وحدها تحتاج لتدريب متواصل علي مدي عام ونصف العام [[١٨ شهرا ]] لتفهم بطريقة صحيحة ولا نذهب الي عبارات التخطيط والأهداف ونطبقها مجتزاءة ثم نستمر في التلاوم انه لايوجد.تخطيط .
جدول: مقارنة بين النمط التقليدي ورؤية ديمنج*
**المجال** | **النموذج التقليدي** | **نموذج ديمنج** |
|————–|———————————–|———————————–|
| **الإدارة** | تقييم بالأداء، حوافز مادية | إلغاء التقييم، تحسين النظام |
| **التعليم** | تصنيف الطلاب بالدرجات | تعليم تعاوني بلا درجات |
| **الحكومة** | معايير الشراء: أقل سعر | معايير الشراء: الجودة وتكلفة دورة الحياة |
3. الأثر العالمي وتطبيقات عملية.
– الثورة اليابانية: تطبيق أفكار ديمنج (منذ 1950) حوّل اليابان إلى قوة صناعية. مُنح **”جائزة ديمنج”** (أرفع جائزة جودة في اليابان) تقديرًا لإسهامه، واعتبره الإمبراطور “مُنقذ الصناعة اليابانية”
-*نجاحات عالمية**:
فورد موتور: تطبيق منهجه قلّص الأعطال بنسبة 60% في 5 سنوات .
– تويوتا: “نظام الإنتاج التويوتي شركة تويوتا ” مبني على فلسفته في التعاون وتقليل الهدر .
الطبعة الثالثة من الكتاب (2018)**: أضافت دراسات حالة حديثة مثل: وهي علي الكتاب الأصل باللغة الإنجليزية
*Bama Companie*: تطبيق1/ النظام حوّلها لشركة عالمية .دون .تسريح عمال .
2/ قطاع الصحة : تحسين جودة الخدمات عبر تقليل التباين في العمليات .
. نقد وتحديات: لماذا لا يزال النموذج التقليدي مسيطرًا؟**
المقاومة الثقافية : صعوبة تغيير العقليات القائمة على “المنافسة = نجاح.
السياسات قصيرة المدى: الحكومات تفضل حلولًا سريعة (مثل خفض التكاليف) على التحول الجذري .
-سوء الفهم: الخلط بين “التعاون” و”القضاء على المنافسة”، بينما ديمنج يهدف لـ “التنافس معًا” (كصناعة السيارات اليابانية) .
مع إضافات مقترحة: تكامل الرؤية مع واقع العالم العربي
*دور الحكومات العربية: تبني “نظرية النظام” في خطط التحول الوطني (مثل رؤية 2030) المملكة العربية السعودية عبر:
– ربط جميع الجهات الحكومية بسلسة قيمة واحدة.
– استخدام خرائط التدفق (Flow Diagrams) لتحديد الاختناقات .
التعليم العربي:
– استبدال الثانوية العامة بنظام “مشاريع التكامل المعرفي”.
– تدريس “فلسفة ديمنج” في كليات الإدارة والهندسة.
-الصناعة:
– التعاون بين الشركات في البحث والتطوير (مثل تجمعات المدن الصناعية).
– إلغاء عقود الحكومة المعتمدة على “أقل سعر” .
> “لا يوجد بديل للمعرفة.. المشكلة ليست في الناس بل في النظام” — ديمنج .
الخاتمة: لماذا يظل هذا الكتاب ضرورة؟ يقدم “الاقتصاد الحديث” أكثر من نظرية إدارية؛ فهو فلسفة أخلاقية تُعيد تعريف:
– النجاح: ليس كسب السوق، بل تنمية المجتمع ككل.
– *القائد: ليس مُراقبًا، بل مُيسرًا لمنظومة التعلم.
– *العمل: ليس واجبًا، بل فرصة للإبداع والفرح .
الكتاب الأصل متاح في طبعات أحدثها (2018) باللغة الانجليزية اما دراسة وتحليل الكتاب باللغة العربية مع زيادة ستة فصول من التحليل علي مغزي نتائج دراسة التحليل للكتاب من واقع استبانة وزعت علي العاملين في الشركة السودانية لخطوط انابيب البترول (( SPPC )) مع إضافات عملية من “كيلي ألان” المدير التنفيذي لمركز ديمنج للجودة في النسخة الانجليزية والتي شكلت الفصل الحادي عشر للكتاب الاصل .
وللباحثين عن الجودة وفقا لنظرية ديمنج في المعرفة العميقة والعاملين في مختلف الموسسات والشركات والوزارات والقطاع الخاص يمكن تطبيق “نموذج المعرفة العميقة” لتحليل أي أزمة (مثل الانتاج والانتاجية والبطالة، تدهور التعليم والاستيعاب في الشركات والموسسات والحكومة ) عبر:
1. رسم النظام (المكونات والترابطات).
2. قياس التباين (متى يكون الخلل من النظام؟).
3. اختبار المعرفة عبر البيانات.
4. فهم الدوافع البشرية.

> ملاحظة: تجارب مدونة في الكتابة وهي تجارب عملية لديمنج مثل : فوهة القمع ( The Funnel ) اوالخرزات الحمراء
( Red Beads Experiment)
في الكتاب تُظهر ببساطة كيف تدمر “الحوافز” الجودة عندما تكون المشكلة في النظام….. ويركز في الحلول بطريقة مباشرة علي الطريقة التي يؤدي بها العمال الفنيون والموظفين والمهندسين وحتي الوزراء وكبار رجالات الدولة وظائفهم مع التركيز بصورة مباشرة علي المنهج
والمنهجيات…مع العديد من نماذج التدريبات والتمرينات وكلها موجودة علي اليوتيوب …كتاب ممتع ممتع لا يمل وتمليكه للباحث العربي والدارس لعلوم الجودة والتميز …يجعل الامر اكثر امتاعا وتشويقا لاقتناء الكتاب .
دراسة وتحليل في الاقتصاد الجديد للصناعة والحكومة والتعليم ..

دكتور بابكر عبدالله محمد علي
باحث واستاذ مساعد متعاون جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا …مركز الجودة والتميز .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى