عابد سيد أحمد يكتب : إبر الحروف… وزارة الثقافة والإعلام وحزم الأوجاع والآلام (1)

رأي: خطوة برس
* برغم أهميتها الكبري لم تعرف وزارة الثقافة والإعلام في بلادنا منذ سنوات بعيدة الاستقرار مثلها مثل الإذاعة والتلفزيون القوميين التابعين لها
* والتي ظلت على مر التشكيلات الوزارية الكثيرة والمتتالية تعاني من تكرار الفصل بين مكونيها وإعادة الدمج كل حين بلا مبررات منطقية.
*
* كما ظلت في ذيل اهتمامات الحكومات المتعاقبة في الميزانيات المالية للدولة و من اعتبارها من وزارات الهامش التي ياتون اليها بوزراء اما من من لاعلاقة لهم بالمجال من باب الترضيات السياسية والجهوية أو من المبدعين الذين ليست لديهم سمات رجال الدولة وحتى الحالات النادرة التي جاءت ونجحت قصقصت أجنحتها وابعدت سريعا ويحدث هذابرغم أهمية الوزارة التي لا تقل عن وزارة الدفاع بحكم ان كل قضايا الوطن تمر عبر بوابات الثقافة التي تنعكس في سلوك الناس وبحكم تأثير الاعلام الذي كونت له دويلة الشر في حربها ضدنا غرفا صرفت عليها وتصرف اموالا طائلة مثل صرفها على السلاح وعلي المرتزقة كما أن أمريكا الدولة العظمي لا تحرك اساطيلها الحربية الضخمة لأية دولة قبل أن تستبق تحركاتها بتهيئة الرأي العام العالمي عبر الإعلام الا نحن تضع دولتنا الوزارة المهمة في ذيل اهتماما تها وعندما تحس بزنقة الحاجة لتوصيل أخبار لها تترك مؤسساتها التي اضعفتها بالاهمال والتي تجاور قنوات الدنيا الاخري في الفضاء لتستعين بقنوات الخارج صاحبة الاجندة فتفسح لها المجال لتتحرك في بلادنا وتنقل الاخبار كما فشلنا في تقديم انفسنا للاخرين عبر ثقافاتنا بعدم إحسان اختيار الوزراء المناسبين وعدم توفير الميزانيات المطلوبة وعدم النهوض بمؤسساتنا الإعلامية الكسيحة لتحلق في الفضاء وتصنع الاثر والامثلة تتعدد وتتنوع وتلتقي في أن الثقافة والاعلام ليست من أولويات الدولة منذ زمن بعيد ولم نلتفت اليها حتى في زمان الحرب برغم تزايد الحاجة إليها وانها بدلا من الاهتمام بوزارتها قطعت الحكومة حتي لسان وزير اعلامها حتى لاينطق وهو الدور الذي جعل الحكومة تاتي به من الخارج والدور المعلوم لوزير اي اعلام كما لم نجعل للمبدعين دور برغم اهميتهم في التعبئة وفي دعم المجهود الحربي بادواتهم وللشواهد نرجع للوراء قليلا ثم نأتي للمشهد الحالي الأكثر غرابة
* ودعونا نبدأ بالشاعرة والإذاعية روضة الحاج، التي لم يتجاوز عمرها في الوزارة (١٥) يوما ، والتي ضجّت الأسافير والمجالس يوم تعيينها احتجاجاً على خسارة امرأة خُلقت لتُبدع. وان مكانها الطبيعي هو منصات العطاء الإبداعي التي برعت فيها، لا الوظيفة الدستورية المكبّلة.
* وروضه هي الحائزة على لقب شاعرة سوق عكاظ كأول امرأة عربية تنال هذا الشرف، وهي التي تابعها الملايين عبر برنامج أمير الشعراء حين رفعت اسم السودان بجدارة، ووصلت للمراتب الأولى، وهزّت المنابر الأدبية العربية الكثيرة بحضورها وشعرها.وهي النجمة الإذاعية التي قدّمت عبر “هنا أم درمان” أميز البرامج، وظلت تراسل صحفاً عربية كبرى، و ظلت تملأ الدنيا بعطائها الإبداعي الجميل في مساحاتها التي خُلقت لها وجعلتها تجمل دواخلنا بدواوينها عش القصيد _ لك إذا جاء المطر وللحلَم جناح واحد فأخطأنا بتعيّينها وزيرة للثقافة والسياحة والآثار، كما أخطأت هي بقبولها للوظيفة التي لاتناسب قدراتها و التي جعلتها تطوي أجنحتها الواسعة التي كان تحلّق بها في فضاءات الإبداع، لتحصر نفسها في فضاء المنصب. الذي غادرته سريعاً بجناح مكسور، ولم نعد نراها بعده كما كانت، تملأ الساحات الإبداعية في الداخل والخارج. وهكذا أخطأت الدولة التقدير وروضه الحساب
* أما السموأل خلف الله، والذي قبل أن يعين وزيراً بالحكومة كان وزيراً شعبياً للثقافة والفنون عبر مؤسسة أروقة للثقافة والفنون التي أحدث من خلالها حراكاً لافتاً داخل السودان وخارجه، وكانت اروقتة تملا فراغ الوزارة الحكومية بالطول والعرض
* لامتلاكه لقدرات إدارية كبيرة في تفعيل المؤسسات، والذي لم يكن بحاجة لوظيفة حكومية لكي يبرز نجاحه. وهو معروف بصدقه مع نفسه ومع الآخرين، وبعمله وفق قناعاته ومبادئه التي لا يتزحزح عنها ولا ينكسر من أجل منصب.
* فعندما عُيّن مديراً لإذاعة وتلفزيون الخرطوم اشترط على والي الولاية حينها د. عبدالحليم المتعافي تحسين أوضاع العاملين وإصلاح بيئة العمل، فباشر عمله بعد التزام الوالي بذلك. وحين لم يُنفَّذ له الوالي الوعد بعد أشهر قدّم استقالته وغادر دون أن يقبل بأي وعود جديدة.
* أما قصة استقالته من التلفزيون القومي بعد تكليفه بإدارته فهي معروفة؛ فعندما رفض الفريق بكري حسن صالح الوفاء بوعد استحقاقات العاملين، سلمه السموأل استقالته وغادر . فالسموأل رجل مبادئ، يهتم بعمله وبالعاملين، ولا يتشبّث بالمنصب لمصلحته الخاصة
* وتجربته في وزارة الثقافة لم تتكرر في أي عهد؛ فإنه بحكم قربه من المبدعين ومعرفته بالمجال الذي قدّم فيه أميز التجارب عبر “أروقة”، أشعل الساحة الثقافية بالنشاط، فانتظمت في عهده المهرجانات والمعارض ونشطت كل ألوان الفنون، وفرضت حضورها في كل الساحات والمساحات كما عمل على نشر الثقافة السودانية بالخارج عبر تعدد المشاركات في أسابيع السودان بالخارج، مقدماً تجربة حقيقية بأن الثقافة تقود الحياة.ولكن – وكما يحدث في بلادنا دائماً – يُحارَب من ينجح؛ تم إبعاده عن الوزارة وهو في قمة توهجه. فأخذته دولة قطر مستشاراً لوزارة ثقافتها. وعندما أُبعد خليفته الطيب حسن بدوي – طيّب الذكر – الذي قدّم هو الآخر تجربة جيدة، أصدر الرئيس قراراً بإعادة السموأل وزيراً للثقافة وهو خارج البلاد. و فات عليه أن السموأل صاحب مبادئ لا تغريه المناصب، فرفض الرجل العودة إلى وزارة أُبعد عنها بلا سبب، ثم أُعيد إليها بقرار دون مشاورته.
* وللحديث بقية…





