رأي

محفوظ عابدين يكتب : مسارات… الوالي ..أبو (سلوكة)

رأي: خطوة برس
.

ظهر والي نهر النيل محمد البدوي عبد الماجد أبوقرون في اجتماع نفرة الموسم الزراعي وحصاد المياه يوم الاثنين يحمل في يده (سلوكة) والسلوكة هي آلة زراعية يدوية بسيطة تصنع من اعواد الشجر أو من الخشب وتستخدم لاحداث حفرة صغيرة في التربة لنثر البذور والتقاوى وجل استخدامها في الزراعة المطرية، ويبدو انها كانت رمزية لهذا الاجتماع.

وقد تكون آلة السلوكة من اكتشاف الانسان الأول في نهر النيل ومع مرور كل هذه( القرون) من الأزمان جاء الوالي (ابوقرون) يحملها امس في هذا الزمن في إشارة منه ، الى أنه يمكن بأبسط الوسائل زراعة اكبر المساحات اذا توفرت الارادة بجانب المعينات.وان هناك آلاف من الافدنة روتها مياه الامطار غير (مستغلة) وتحتاج فقط لنثر البذور فيها والمتابعة، ويمكن ان تعطي انتاجية عالية.
والفكرة التي ابتدرها ولاية نهر النيل بتخصيص 4فدان مطري مع التقاوي لكل وافد راغب وقادر على الزراعة فإن هذا الأمر متاح في كل محليات الولاية.
هذه الفكرة جميلة وقد تكون عملية في توظيف الطاقات البشرية وإستغلال الموارد المتاحة في خلق عملية انتاجية يستفيد منها الوافد واسرته وتستفيد منها الولاية أي كان نوع المنتج او كميته.
ويبدو ان الحماس الزائد قد طغى على الوالي أو تلك المجموعة التي كانت حاضرة في قاعة وزارة التربية بالدامر لتنفيذ الفكرة فيما تبقى من وقت وقد يكون في حسابات الأخرين ان الوقت قد مضى وكما يقول أهل الزراعة ان الزراعة (مواقيت).
والوالي الذي عاد من تركيا مؤخرا من زيارة رسمية يكون قد إلتقط بعض (انفاسه) وجدد بعض (افكاره)خاصة في العملية الزراعية التي هي حسب قوله ،وحقيقة هي أهم عمل يمكن ان يحل كثيرا من مشاكل المواطن والحكومة ،خاصة وإن المساعدات الإنسانية وتوصيل الغذاء للمحتاجين أو المتضررين اصبحت واحدة من اساليب (لي الذراع) لدى المجتمع الدولي، كما يحصل الآن على السودان.
ولكن تبقى فكرة تخصيص هذه المساحة للوافدين فيها إعادة (نظر) لعدة اسباب منها ان الوافدين معظمهم من ولاية الخرطوم واغلبهم موظفين وعمال ومعلمين وغيرها من انواع العمل ان كان في القطاع العام او الخاص وهذه المجموعة هي ذات الاغلبية قد تكون غير متحمسة للفكرة لانهم تعودوا على نمط معين من العمل طوال حياتهم ،والمجموعة الثانية من الوافدين من يعملون في السوق بمختلف اشكاله، وهم منذ مجيئهم الى ولاية نهر النيل قد انخرطوا في الاسواق خاصة أصحاب المهن التي كانوا يمارسونها في الخرطوم، وهؤلاء تعودوا عليها وعلى عائدها السريع ولا يستبدلونها باب شيء اخر ،اما الذين تقطعت بهم الاسباب وفشلوا في ايجاد حلول لانفسهم ربما قليل منهم يتجه الى هذه الفكرة واذا ذهب الى حيث الوديان فانه لن يمكث طويلا وربما عاد وترك مازرع في الخلاء دون رعاية واهتمام.
وبالتالي تبقى فكرة الاعتماد في هذا العمل الكبير والفكرة الممتازة على الوافدين فيها مجازفة ،وان هذه الفكرة أو هذا العمل سيموت ب(السكتة القلبية) لذات الاسباب.
ولعل نجاح الفكرة يعتمد على نجاح التنفيذ ،واحسب ان الوالي لو ظل في منصبه حتى الموسم القادم وهذه (ضعيفة) ، يمكن ان يخطط بهذه الفكرة بوسائل اخرى لتنفيذها منها اعتماد العمل في شكل مجموعات مثل الجمعيات إن كانت في الاحياء أو غيرها اوالمنظمات الشبابية وحتى طلاب المدرسة الواحدة يمكن ان تخصص لهم مساحة خاصة وإن الموسم يصادف الاجازة الصيفية فمثلا مدرسة بربر أو عطبرة أو شندي أو ابوحمد الثانوية يمكن ان تكون لها مساحة محددة ،وفي الأمر فوائد اخرى للطلاب والمدرسين بإرتباطهم بالارض وزيادة ثقافتهم الزراعية وكيفية التعامل مراحل النمو للمزروعات، وتستفيد مدارسهم بعائد المحصول في الصيانة وتحسين بيئة العمل وحل بعض المشاكل الطارئة وإن كانت المدارس ذات داخليات تكون قد ساهمت في حل مشكلة الطعام وبالتالي تكون هذه الاعمال قد وفرت مبالغ كبيرة من ميزانية الحكومة خاصة بالنسبة للمدارس الثانوية أولاد.
ويمكن تطوير الفكرة بصورة أرفع وهي تخصيص مساحات لطلاب كليات الزراعة والبيطرة بالجامعات التي مقرها في ولاية نهر النيل أو طلاب نهر النيل الذين يدرسون في كليات الزراعة والبيطرة بالجامعات السودانية عبر روابطهم الطلابية.
ولكن واحدة من أهم مهددات هذه الفكرة ومن أكبر معوقاتها هو الصراع الذي يظهر بين الزراع الجدد والذين يزعمون أنهم يمتلكون هذه الاراضي، فإن لم يجد الوالي حلا لهذه المشكلة يمكننا بكل بساطة رفع ايدينا نحو السماء ونقرأ ( الفاتحة)ونترحم على (روح) الفكرة.
إنا لله وإنا إليه راجعون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى