محفوظ عابدين يكتب : مسارات … السفير صلاح الكندو…الدبلوماسية تمشي على قدمين
رأي: خطوة برس
مسارات
.
الدبلوماسية شعبيا تعني اللغة الرفيعة والكلمات غير الجارحة أو المؤذية وعندما يقولون ان فلانا هذا حديثه دبلوماسيا فهذا يعني انه يتخير الكلمات والعبارات ذات (التضميد) اكثر من ذات (التجريح).
والدبلوماسية نفسها في أسواء حالتها تختار كلمات رقيقة لاتجرح ولاتؤذي في حالة توتر العلاقات أو تبادل الاتهامات بين أي بلدين ، فإن كلمة (استدعاء) هي الحاضرة في العرف الدبلوماسي ،وان تطور الأمر الى أعلى من ذلك فإن كلمة (غير مرغوب فيه) هي الحاضرة وإن المغادره تحدد بساعات ان كانت 24او48 أو 72 ساعة.
وعندما قرأت خبرا ، سارت به بعض مواقع التواصل الاجتماعي عن اعفاء سفير السودان في سلطنة عمان. السفير صلاح الحاج الكندو، اندهشت لان كلمة (اعفاء) هنا غير واردة في (القاموس) الدبلوماسي،وزادت دهشتي ان الخبر لم يتوقف على السفير صلاح الكندو لوحده بل تعداه ليشمل الاعفاء طاقم السفارة أو اعضاء البعثة،على طريقة (حل) الحكومة.
والخارجية (لاتعفي) ولا (تقيل) بل تستدعي ،اذا دعاء الأمر في الحالات التي تستوجب (الإستدعاء).
ويبدو ان صاحب الخبر أو من يقف وراءه لم يتخير الوقت المناسب أو الفرصة السانحة حتى يجد (خبره) ان لم نقل إشاعته ،فرصة لتحقيق الهدف.
فقبل خبر إشاعة إعفاء السفير صلاح الكندو كانت الوسائط( الرسمية)و(المستقلة) تنقل خبر لقاء السفير بالمدير العام للاسواق والمناطق الحرة في السودان وبرفقته المدير التنفيذي لاتحاد المصدرين العرب حيث التناول اللقاء العلاقات السودانية العمانية في كل جوانبها بالتركيز على الجانب الاقتصادي ، وإن زيارة الوفد تهدف الى إقامة شراكات اقتصادية بين البلدين وتسهيل التبادل التجاري والاستثمار وتفعيل المناطق الحرة.
وماتناوله خبر هذا اللقاء فإن هذا عمل اقتصادي كبير يصب في مصلحة البلدين خاصة وإن هناك منتجات عمانية تجد رواجا في الاسواق السودانية والافريقية وهذا مؤشر كبير في ان تكون سلطنة عمان حاضرة في القارة السمراء بكل منتجاتها خاصة وإن هذا الرواج الكبير للمنتجات العمانية في السودان جاء لجودتها العالية.
والسفير صلاح الكندو بلغة اهل الخارجية. (كارير دبلوماتيك ) ان صحة العبارة فهو تدرج من سكرتير ثالث في الخارجية الى ان وصل درجة السفير وخلال هذه الفترة تنقل في محطات كثر في العالم وتولى ملفات ومهام زادت من خبرته التراكمية وهو يحسن التعامل مع الناس ومع المواقف والمستجدات بطريقة تحفظ الحقوق و(ماء) الوجوه وهذه هي الإنسانية في اعلى درجاتها ان لم نقل الدبلوماسية في أعلى مراتبها،وطبيعة السفير الشخصية في الهدؤ والاتزان والرقي ،ومعاملة الناس بالحسنى تلاقت في كثير منها بالاعراف الدبلوماسية وهذا مما زاد فرص النجاح والتميز في إداء السفير الذي هو محل تقدير كبير في دول المقر أو الدول المستضيفة للمحطات الخارجية المختلفة التي عمل فيها السفير صلاح الكندو، وهو الدبلوماسية تمشي على قدمين.
ان التنافس السياسي قد يكون واحدا من وسائله بث مثل هذه الاشاعات أو نشر بالونات الاختبار لمعرفة إتجاهات الرأي العام لقرار (مرتقب) أو لسياسات (جديدة) ،لكن العمل الدبلوماسي تحكمه قواعد دولية ومعايير ولوائح وطنية ، غير التي تحكم العمل السياسي.
والسفير ليس كالوزير تتم اقالته أو اعفائه فالسفير في الأصل هو موظف في وزارة الخارجية مثله مثل المعلم في وزارة التربية أو الطبيب في وزارة الصحة أو المهندس في وزارة الاشغال والشؤون الهندسية محكوم بملف خدمة ودرجات ترقي مثله مثل كل العاملين في الدولة.
ولكن يبدو ان الذي كان وراء هذا الخبر لم ينظر الى كل تلك الاشياء واعتبر (السفير) مثل (الوزير) يمكن اعفاؤه أو إقالته، ولكن يبدو ان الغرض من نشر الخبر لم يحقق ( الهدف) وبلغة اهل الرياضة ان الكرة (دقت) في العارضة أو القائم،ولم تفعل سوى هيجت الجمهور قليلا، ثم عاد الى سكونه.