رأي

خالد محمد الباقر يكتب : على نار هادئة… ورقة عبده على قطار موت الإنسانية .

رأي : خطوة برس

???? في مدينة صغيرة تعاني من ظلال الفقر وندرة الأمل، عاش الشاب عبده، المتهور والمستسلم لشهواته. كانت حياته تدور حول ملذاته، بعيدًا عن أي مسؤوليات أو أعباء. لم يكن لديه شخص عزيز عليه سوى والدته، التي كرست حياتها لخدمته ورعاية احتياجاته. كانت تعتني بملابسه، وتنظم له حياته الفوضوية، رغم مرضها وشيخوختها المتزايدة .
???? عبده لم يكن يدرك قيمة تضحيات والدته، وكان يعيش كأنه في عالم آخر .
???? عندما مرضت والدته ، بدأت مسؤولياتها تثقل كاهله . كان يراها تعاني من مرض السكري وضغط الدم، لكنه لم يشعر بالذنب تجاه ما يجري . بل كان يفكر في كيفية التخلص من أعباء رعايتها . ربما كانت رؤية والدته تتألم هي ما دفعه إلى التفكير في خيار خبيث : أن يتركها في محطة القطار ويتظاهر بأنها ذاهبة إلى ابنتها التي في العاصمة . كتب لها ورقة خداع، موجهة إلى من يجدها بأن يأخذها إلى دار المسنين، وألقى بها في بحر من مظاهر اللامبالاة .
???? ركبت والدته القطار، وفي قلبها أمل مزيف ولمحة من الخوف . كانت الرحلة إلى المجهول تحمل في طياتها الكثير من المشاعر المتضاربة . عندما أدرك عبده ما فعله، بدأ يشق طريقه نحو الندم . كان يتصادم مع شعور بالذنب يلازمه كظل، حتى بينما كان يحاول إقناع نفسه بأنه فعل الصواب . كلما تذكر والدته، وكلما خُطفت خيالاتها من عقله، كانت الصورة تتضح أكثر، صورة إنسانية فقدت طريقها .
???? تدور الأيام، ويتضح لعبده أن خياراته قد أثرت بطريقة عميقة على حياته . لم يكن الهروب من المسؤولية هو الحل، بل كان بداية النهاية لحياته الإنسانية . فكلما تذكر تلك اللحظة التي قرر فيها إنهاء علاقة الحب والتضحية ، نجده محاصرًا بالخيبة والحنين . كان عبده مدركًا الآن أن هناك أشياء في الحياة لا يمكن تعويضها، حتى لو كانت مجرد علاقة بين ابن وأمه .
⚪ قطار الموت الإنسانية لم يكن مجرد رحلة إلى مكان مجهول، بل كان بداية لرحلة نحو معرفة الذات وخسارة كل شيء .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى