د. بابكر عبد الله محمد يكتب : (( خطوات بناء المنهج ))المنشور الحادي عاشر ( ١١ )
بسم الله الرحمن الرحيم
(( خطوات بناء المنهج ))
تحت عنوان
.(( التعليم والفلسفة ))
(( Philosophy and Education ))
المنشور الحادي عاشر ( ١١ )
تبقي الفلسفة دوما عماد البناء السليم للحضارة والإنسانية وهي بمثابة نبراس وموجه لبناء مستقبل الشعوب والامم منذ الخليقة …ولقد كتبنا من قبل ان للفلسفة اربعة دعامات ومرتكزات اساسية وهي
١/ الاساس العقدي والايماني التوحيدي
٢/ البناء الاجتماعي
٣/ البناء النفسي
٤/ البناء المعرفي …
ولقد بدا الله سبحانه وتعالي بأن علم ادم الأسماء ..كما ورد في قوله تعالي (( وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَـٰؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ))
البقرة-31 وهي دليل ناهض علي ان المتقدمين من لدن ادم وما بعده كانوا اكثر علما ومعرفة من المتاخرين من امثالنا من الأمم في عصرنا الحاضر هذا . واحسب ان عنوان المنشور حتي يكون دقيقا كان يمكن ان نكتبه علي هذا النحو (( الفهم والمعرفة )) ولكن حتي يكون مهضوما ومقبولا ولا يطيش او يحرف العقول كتبته (( التعليم والفلسفة )) لقربه لفهوم وعقول الناس… كما أن العلم لفظة قرانية وردت في كتابه العزيز القرآن الكريم كثيرابلفظات(( علما ،علم ،عليم ،والعلماء)) ووردت كلمة الفلسفة بعبارة الفهم (( فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ۚ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ ۚ وَكُنَّا فَاعِلِينَ)) الأنبياء-79 …ذلك أن الفلسفة في معناها القريب جدا الي العقل هي الفهم الصحيح والقدرة علي طرح الأسئلة الصحيحة لتفسير عالم الاشياء والأشخاص والأفكار الصحيحة حول هذا الكون الفسيح بسمائة واراضيه وجباله ومحيطاته وبحاره وانهاره ونظامه وناموسه وخالقه وموجده ليعبد بطريقة ايمانية عقدية توحيدية …وأن الشقاء الذي ظل يلازم الإنسان في هذا الكون الفسيح هو عدم القدرة في توجيه الأسئلة الصحيحة لتعطي التفسير والفهم الصحيح والتصور الفريد لهذا الكون فوقع الفلاسفة القدامي و الاوائل في وحل مستنقع الضلال المبين والمغالطة الكلاسيكية فعبدوا من دون الله اندادا فاشركوا وضلوا واضلوا وما زالوا في غيهم يعمهون .وبعض الناس في عصور الظلام الاولي اعتقدوا واعتبروا ان الفلاسفة الأوائل آلهة تعبد من دون الله فعبدوا الشمس والقمر والنار والبقر والاوثان والاصنام وعبدوا بعضهم حتي الاشخاص …وهكذا قدم الفلاسفة الأوائل تقديرا واجابات خاطئة لأغلب موجودات واسرار هذا الكون …وصدق المثل السوداني الشعبي الذي يقول (( القلم ما بزيل بلم )) والمعنى: أن بعض الناس مهما تدرج في المراحل التعليمية فهو على نفس أمية الفهم ، وأمية العقل ، والأمية الأخلاقية ، ففي حرب السودان الحالية من يُزعم أنهم من كبار المثقفين ، وحاملي الشهادات العليا ، وهم في الواقع أخيب وافشل وألعن من حاملي السلاح ، والقتلة انفسهم ..
من الواضح جدا ان المتقدمين من الامم لهم تاثير سالب جدا . علي المتاخرين من الأمم في الوقت والعصر الحاضر …ولقد فرض الامر الحتمي علي المتاخرين الاستعانة بالمتقدمين .والاخذ بمعارفهم وعلومهم وخبراتهم التراكمية للبناء عليها …فإذا كانت مناهج المتقدمين صالحة صلحت حياة المتاخرين واذا فسدت فسدت.حياة المتقدمين وبني عليها المتاخرين رؤاهم وافكارهم ففسدت بالتالي حياة المتاخرين… وذلك اذا ما أخذوا بالعناصر والاسس المكونة والمشكلة لمناهجهم …ولكن وقبل اكثر من قرابة الخمسة عشر قرنا من الزمان ابان لنا القرآن الكريم وهو الثابت في حياة الأمة الإسلامية والمعيار الاساس لبناء الأمة المسلمة …افادنا وبوضوح تام ان اكثرهم ممن كانوا قبلنا من المتقدمين او حتي من المتاخرين اكثرهم كانوا لا يعلمون ولا يفقهون وأكثرهم للحق كارهون فكيف يستوي حالهم في باقي مناشط وجوانب الحياة …فإذا نظرنا الي القرآن الكريم وتاملنا في الآيات الكريمة التي اختتمت الأكثرية[ لايعلمون ] نجدها في جملتها سبعا وعشرين أية منها احد عشر أية ختمت بقوله سبحانه وتعالي ( ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) الاعراف ١٨٧[ يوسف الآيات ٢١ و٤٠ و ٦٨] والنحل الاية [٣٨] الروم الايتين [ ٦و ٣٠] سبأ الايتان[ ٢٨ و٣٦] غافر الاية [٥٧] والجاثية الاية [٢٦]. علاوة علي – تفسير ابن كثير – تفسير سورة الزخرف – الآية 78. ( لقد جئناكم بالحق ) أي : بيناه واوضحناها لكم وشرحناه وفسرناه ، ( ولكن أكثركم للحق كارهون ) فإذا كان من قبلنا وممن هم متاخرون و هم للحق كارهون وفي امر عقدي وايماني وتوحيدي…فكيف لنا أن نسير وفق منهجهم وطريقهم في الضلال …واذا كانوا بعضهم من النصاري واليهود.هم ممن يؤمنون بأهمية الاعتقاد.والايمان المطلق بالقوة الروحية في التعبد.الغيبي بوجود الله تعالي وهنا تحديدا أشير و اقصد بذلك بالتحديد النصاري واليهودي وهم ديانتان تفصلنا عنهم اكثر من حوالي [ ٢٦٠٠ سنة ] الفان وستمائة عام كامم متقدمة قبل الاسلام .هم ايضا للحق كارهون ولا يعقلون فكيف نبني علي مناهجهم ونحذو ونقتدي بهم ..وهكذا تبدوا ملامح المنهج الذي ابتغيه في الظهور وما يهمنا هنا هو بناء المنهج القراني الشامل والاستفادة من دروس الماضي والنظر في فشلنا في تلمسه بعد انقضاء عهد النبوة والخلفاء الراشدون وحتي عهد الاندلس في القرن الثاني عشر قبل حوالي عشرة قرون من الزمان …واذا سمح و اسعف الوقت للاصدقاء ان يستمعوا للفيديو المصاحب للمنشور ان يدركوا التقارب في المنهجيات وقربها الشديد لبعضها البعض ومن خلال الشروحات السابقة …فإذا أخذنا في الاعتبار مثلا الاخذ بالمنهج التعليمي و الدراسي عند.التلاميذ علي الأسس التي يرتكز عليها وهي ١/ التلميذ،٢/ البئية ٣/ المجتمع …فلو غيرنا التلميذ،مثلا (( بالعمل )) من الممكن جدا ان يصلح ان يكون منهجا لإدارة العمليات وذلك باختلاف طبيعة ومجال العمل …واذا سحبنا الاساس الأول واستبدلناه ((بمشكلة البحث )) او (( Problem.Statement )) لصلح ان يكون سبيلا لوضع فروض البحث واختبار الفروض في البحوث الإنسانية او العينات في البحوث التطبيقية وهكذا …وبالتالي نحن في حاجة ماسة جدا في إجراء معالجات لطرق وبناء المنهج لنحل كافة مشكلات الحياة للمسلم وفي حزمة واحدة وبناء سليم لبناء المنهج وفقا لقوله تعالي (( قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الأنعام-[162] لَا شَرِيكَ لَهُ ۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِين [الأنعام-163] ))
ونكتفي بهذا القدر لنتواصل في المنشور القادم بغرض التلميح لماذا نظن الصعوبة او الفشل في بناء منهج تجديدي قاصد ..ونواصل في شرح المنهج لغد افضل .
ولكم الحب والتقدير
د.بابكر عبدالله محمد علي
السبت ١٤ ديسمبر ٢٠٢٤م