الجيش جيش الأمة السودانية
بقلم :إيهاب بشير
في سنة 1925 م، تم تأسيس قوة دفاع السودان نواة الجيش السوداني الحالي واشتركت في العمليات الحربية في الحرب العالمية الثانية حيث قاتلت ضد الإيطاليين في إريتريا وإثيوبيا واوقفت تقدمهم في جبهتي كسلا والقلابات، وأبلت بلاء حسنا في معركة كرن في إريتريا، كما شاركت في حملة الصحراء الغربية لدعم الفرنسيين حيث رابطت في واحتي الكفرة وجالو في الصحراء الليبية بقيادة القائد البريطاني أرشيبالد ويفل، وفي العلمين لوقف تقدم الجنرال الألماني رومل الملقب بثعلب الصحراء، كما شاركت في حرب فلسطين عام 1948 م، بحوالي 250 جندي. وفي حرب أكتوبر / تشرين الأول 1973 م، ارسلت الحكومة السودانية قوة قوامها لواء مشاة إلى شبه جزيرة سيناء. وشاركت القوات المسلحة السودانية أيضا في عمليات دولية تصب في مساعي حفظ السلام والاستقرار كما في الكونغو البلجيكي عام 1960 وفي تشاد عام 1979 وفي ناميبيا في 1989 م، وفي لبنان ضمن قوات الردع العربية لحفظ السلام تحت لواء جامعة الدول العربية، وشاركت في عملية إعادة الحكومة المدنية في جمهورية جزر القمر حيث ساهمت قوات المظليين السودانية في استعادة جزيرة انجوان وتسليمها لحكومة جزر القمر عام 2008 م.كان الجيش السوداني حينها
يعتبر من اقوي وأكبر الجيوش في القرن الأفريقي ويتراوح حجم قواته بين 100-150 الف جندي مدعوم بقوات ما يعرف (بالدفاع الشعبي) والتي قدرت بحوالي 150 الف مجند والجدير بالذكر ان الدفاع الشعبي هو صنيعة حكومة الحركة الإسلامية الانقاذ علي غرار(الحرس الثوري الإيراني). وسعت الحكومة حينها الي رفع عددهم منذ العام 1995 الي مليون مجند.
في 20/11/1954 م صدر إعلان من وزير الشئون الإجتماعية يدعو ويعلن عن مسابقة لتلحين نشيد الجيش الذي كتب كلماته الشاعر أحمد محمد صالح بمشاعره الجياشة ووطنيته الصادقة وفاز وقد لحنه العقيد أحمد مرجان وهو أحد رواد الموسيقى السودانية وتمت إجازة النشيد وبحلول إستقلال السودان في العام 1956 م كان ميلاد النشيد مع ميلاد الإستقلال معبرا عن مشاعر كل الشعب السوداني . قرية(الكوة) بالنيل الابيض شهدت مولده كان ضمن سجل مواليدها في العام 1905م
*احمد مرجان محمد طفل تعلق بالخلوة والمدائح ولوح الكتابة والحبر الذي رائحته كماء السعف كيف لا ووالده القادم من (ملكال) كان (زول خلاوي ودين) ملكال – الدويم- الكوة.. ثم الموردة امدرمان التي انتقلت اليها الاسرة قبيل العام 1910م بقليل لتقطن مع النقيب كبسون الجاك قريبهم من جهة الوالد.. واظن ان النقيب كبسون هو الذي أسس حب العسكرية في رأس الولد احمد مرجان
ولد صغير ابنوسي الملامح يتقدم الى سلاح الموسيقى الذي كان كائنا بالقرب من جامعة الخرطوم كيما يلتحق بسربها وقربها وصفافيرها استوعبوه لرغبة جامحة بانت عليه في رتبة (ولد) ليخدم الرتب العسكرية حتى يستوي عوده ويتعلم قليلاً قليلاً..
وتاريخ الموسيقى العسكرية بدأه الاتراك في العام 1887م وعرف باسم (السردارية) ثم (الاورطات) التي انتشرت عقابيل العام 1888م و (اورطة) كلمة تركية تطلق على الفرق الموسيقية العسكرية وكانت الاورطات
من (1-8) مصريات
من (9-15) سودانية وقوادها من الانجليز الى ان سرحت جميعها في العام 1948م. اندمج احمد مرجان مع مجتمعه الجديد ورصد القادم من زخم ثقافي متنوع موسيقيا، فهو ابن ملكال المار بالدويم والكوة وحذلقة امدرمان الفنية، لذا فقد ادخل العديد من التراث القبلي المتنوع الى الموسيقى العسكرية لتصبح مارشات لها (عشاق) اعجبت العسكر والملكية..
تخصص في آلة الالطو ساكسفون واجاد عزف الاخريات بدقة.. وظهرت عليه سمات القائد الاوركسترالي منذ بكرة مجيئه للجيش
تدرج سريعا في الرتب والابداع والاتقان وحين تم تحويل موسيقى دفاع السودان الى موسيقى الجيش السوداني واعفى القائد الانجليزي (شيوبرت) الذي كان يرأسها صار المرحوم احمد مرجان قائدا بعده.
في العام 1951م حين اعلن كبار الفنانين السودانيين الاضراب عن تقديم اعمالهم للاذاعة وانسحب العازفون لاسباب ادارية حينها.. لم يتورع المسؤولون في اللجؤ بالموسيقى العسكرية فجاءوا اليها بأبواقهم وساكسفوناتهم «قربهم» كان بينهم المرحوم احمد مرجان، فكانت اول مرة تدخل آلات النفخ النحاسية الى اثير الاذاعة كفتح موسيقى جديد وبرز فنانون كانوا صغارا فيها محجوب عثمان ورمضان حسن وكسب الوسط الفني مبدعين جدد،
بل ان الراحل احمد مرجان علّم بعض الموسيقيين النوتة وشؤون الموسيقى الأكاديمية فأتقنوها..
فبرز تداخل العسكر مع غناء الملكية ولحن المقدم المرحوم عوض محمود (20-1992م) للفلاتية وود البادية وخليل اسماعيل الى ان عرف الناس التجربة المجيدة لجيل العميد عمر الشاعر وزيدان ابراهيم.
ومن الذين أسهموا في موسيقى الاذاعة المرحوم النقيب محمود عثمان (ألطو ساكسفون)، المساعد كامل عبد اللطيف (كلارنيت)، المساعد توية دماس (قينور ساكسفون) والمؤلف الموسيقي النقيب محمد اسماعيل بادي صاحب المقطوعات الاذاعية الخالدة.
والبلاد تشرئب بأعناقها للاستقلال.. في منتصف العام 1955م كان الزعيم الازهري يدرك ان لابد للسودان من سلام جمهوري فطلب من وزير الشئون الإجتماعية إقامة مسابقة لاختيار لحن لكلمات نشيد الجيش التي كتبها الشاعر احمد محمد صالح وفاز في تلك المسابقة الملحن أحمد مرجان وبعد شهرين من السهر والتدوين في المنزل رقم (98) بقشلاق الضباط ببحري الاملاك بالقرب من سينما الحلفايا وبعد ان اكتمل التأليف عرفته الفرقة لاول مرة في ذات المنزل واول معزوفة رسمية له كانت في سلاح الموسيقى أمدرمان.
افتتح «مرجان» اول معهد موسيقي في امدرمان بمنزلهم وكان يدفع رواتب العازفين في الفترة من «51-60» ولما لم يجد مساندا اغلقه، وحين تم التفكير في انشاء معهد للموسيقى في السودان العام 1969م كان ضمن المؤسسين والمعلمين، المعهد الذي ترأسه تلميذه البروفيسور الماحي اسماعيل وكان يسهم في تدريب معلمي الموسيقى في المرحلة الثانوية.
ومن اللطائف ان جمال عبد الناصر كان ضيف شرف على احتفال اقامه المشير النميري في المسرح القومي بامدرمان يوم ان سطع نجم كابلي وهو يغني رائعة تاج السر الحسن (آسيا وافريقيا). كان من المفترض ان تحضر الفرقة العسكرية بقيادة (مرجان) لعزف السلام الجمهوري للدولتين ونسبة لازدحام الطريق لم تستطع عربة الموسيقى العبور للمسرح في حين ان نميري وعبد الناصر أوشكا ان يصلا الى هناك.. فأمر: (مرجان) الفرقة (ان تأخذها جكة) فهبطوا من العربة بالقرب من مثلث الموردة وركضوا وقائدهم امامهم وحين اعلن المنادي بدء عزف السلام الجمهوري اندهش نميري لعدم وجود الفرقة، فما كان من مرجان الا ان امر الفرقة ببدء العزف قبل ان يصلوا لموقعهم تماماً وفعلا بدأ عزف السلام الملكي ووقف الناس وجدها العازفون فرصة للتسلل دون ان يشاهدهم نميري حتى يصلوا الى موقعهم الذي كان يتلفت متسائلا (ديل قاعدين وين!؟)
وبعد انتهاء الاحتفال بسلام نادى الرئيس نميري على الرائد احمد مرجان قائلاً:
* يا عم احمد.. كنتو وين دايرين تحرجونا؟.
فرد عليه والله سعادتك الشارع زحمة اضطرينا جينا «جاريين» عشان نلحق.
*فرد النميري تمام.. تصرف عسكري صاح.
وامر بصرف حافز للفرقة وقائدها (عشرة جنيهات لكل).
فنانين تغنوا للجيش
تغني عدد من الفنانين السودانين ممجدين للجيش السوداني علاوة علي غنائهم في الثغور وفي الجبهة للجنود مثل مافعل الرواد أحمد المصطفي وحسن عطية وسيد خليفة وعائشة الفلاتية فقد تغنوا في مصوع وكرن والجبهة المصرية وهناك فنانين كانت أغنياتهم غزل في الجيش ومنهم عائشة الفلاتية(يجوا عايدين) مرورا بالثنائي ميرغني المامون واحمد حسن جمعة(جيشنا جيش الهناء) وكمال ترباس(هبت ثورة الإنقاذ لما الجيش للشعب إنحاز) وقيقم من الفنانين الشعبين وفيصل الخير واخرين
أول ملحنة عربية
تعد الأستاذة أسماء حمزة بشير أول ملحنة عربية أبنة شرعية للقوات المسلحة السودانية وتشربت حب العسكرية من والدها حمزة بشير نصر شقيق حسن بشير نصر