عندما يهزم الفنان دوره ورسالته الغنية .. إنها الفوضي بعينها تضرب في كل الاتجاهات

بقلم : إيهاب بشير
أغنيات كثيرة يتغني بها مغنيات واحيانا مغنيين وللاسف تتناقلها وسائل الإتصال بكثافة تجدها قميئة المعاني والمضامين وتثير القيئ والغثيان في آن و تؤكد بما لايدع مجال للشك أن التدني المريع في الذائقة السمعية قد وصل الدرك الإسفل منه بكل صدق خصوصا ونحن نعيش الحرب اللعينه التي اتت لنا بما لانقوي عليه ولانستسيغ من التدني ويبين أن الفوضي وإنحطاط الأخلاق تغلب علي كل الأمصال الواقية من شذوذ المشاعر وشذوذ الآفاق وتفلت الأحاسيس وتبلدها الذي نعاني منه منذ أكثر من عقدين ونيف من الزمان وشاهد على إنه أصبح يؤسس لناموس جديد لم نألفه أو نعتد عليه من قبل وأتت الحرب واعلنت بدون خجل أو حياء أن الأغنيات عديمة الأفكار ركيكة المعاني بذيئة الوصف هلامية الجرس هيستيرية الإيقاعات أضحت تجد الإستحسان والإصغاء والترديد من الجميع الكبار قبل الصغار لأنهم يعيشون في حالات موات إكلينكي للواعز الإخلاقي وضمائرهم شائهة ويعانون من الإعاقة اللفظية وكساح المشاعر والوجدانيات.
هناك أغنيات قديمة تماثلها في اللحن أو الإيقاع فقط وليس في بذاءة المفردة وتدنيها وفداحة الوصف وكان يطلق عليها الأغنيات (الدكاكينية)يستمع اليها الجميع في الخفاء ويستحسنونها ولكن بحياء تام وخجل لافت ولحسن الحظ إنها لم تجد أو يتسني لها الذيوع والإنتشار لانها لم تجد الوسائط المتوفرة الأن متاحة في ذلك الزمان الجميل أو مايطلق عليه (سويشل ميديا) فحفظ البعض فقط بعض من تلكم الأغنيات.
أغنيات البنات بريئة منها كذلك والتي كانت تكتب علي السنتهن وعادة ماتحمل أحلامهن ومشاعرهن وطموحاتهن والتي غالباً ماتتمثل في إختيار عشق شريك الحياة والظفر به وتأثيث عش الزوجية وتأسيس أسرة لم تخدش الحياء العام أو تمس عصب الأخلاق والأدب مثلما فعلت هذه الأغنيات وهناك مغنيات سودانيات أكدن تفردهن وتميزهن بالتفاعل مع كل القضايا الآنية التي تهم الوطن والمواطن فيممت الفلاتية وجهها شطر الجبهة مع الجنود ومارست الطقطاقة الدور النضالي الوطني ودخلت سجون المستعمر وساهمت في نيل الإستقلال وخروج المستعمر وكانت المبادرة بإرتداء علم السودان بالوانه المميزة كبادرة غير مسبوقة .
والأدهي والأمر إن هذه الاغنيات تثير عدة تساؤلات أهمها هل مرت هذه الأغنيات علي لجنة إجازة النصوص الشعرية قبل أن تغُني مثلما كان يفترض وجبلنا عليه؟ وأين دور شرطة حماية المجتمع من هذه الأغنيات ومؤديها في الحفلات؟ أم أن دورهم يقتصر فقط في تحصيل رسوم الحفلات والملابس الغير لائقة؟ وهل دور مجلس المهن الموسيقية والتمثيلية يقتصر على منح المغنيين تراخيص الغناء فقط؟أم هو مسئول مسئولية مباشرة عن كل مايقدمه منتسبوه وأفراده؟
مع العلم أن القصد من انشأ المجالس المهنية هو تجويد الاداء وترقية المهن وتطوير بيئة العمل لطالما ان القائمين علي امر هذه المجالس التخصصية ابناء شرعيين لهذه المهن وعلى علم تام بكل ما يطورها او يساهم في ترقية بيئتها او يعيق تقدمها كما انها الجهة المسؤلة عن منح هذا الممارس رخصة الممارسة لان هذه المجالس يفترض ان تكون هي المسؤولة عن اي تجاوزات او مخالفات يرتكبها الممارس ومن الضرورة بمكان ان يكون افراد المجلس المعني علي دراية تامة بقدرات وامكانيات منتسبي هذه المهنة او تلك بحكم الخبرات التراكمية التي اكتسبوها نتيجة الممارسة والتي اتت بهم لقيادة هذه المجالس,هذا الذي يفترض ان يكون فيما يخص اي مهنة ومنتسبيها في حال تكوين اي مجلس لاي مهنة كانت كالمجلس الطبي أو الهندسي أو خلافهما من المجالس المهنية هذا قبل قيام الحرب اللعينه واختلاط الحابل بالنابل
كما إنه من الغريب والغريب جداً أن يهزم المغني دوره التنويري والتوعوي وكيف للمُغني أن يهزم دور الغناء الرسالي والتوعوي والتثقيفي والتربوي في المجتمع؟ الا أن يكون جاهلاً بالدور الذي يفترض أن يكون عليه منتوجه الإبداعي وأهميته في صياغة الوجدان إنها الفوضي بعينها تضرب في كل الاتجاهات .