الحركة الاسلامية و استشراف المستقبل !

بقلم : خالدة عبدالسلام
0 إنّ السياق التاريخيّ و السياسي للحركة الإسلامية يظهر دورًا فعَّالًا في صنع المشهد العام للسودان ، حيث تميزت الحركة بحداثتها فهي نشأت في كنف الحداثة و تحدياتها ، لكنها اختارت إستجابة لتحديات الحداثة المرجعية الإسلامية ، و التي تهدف إلى الالتزام بالقيم الدينية لمعالجة قضايا العصر ، فنجدها مثلما أخذت القوة راية لها لم تنسَ الاخلاق شعارًا ، و مثلما أخذت الحزم سبيلًا لم تنسَ العدل منهاجًا ، هي معادلة الجناحين قوة اليد في أخذ الحق و توطئة الاكناف في بسط العدل .
0 الحركة الإسلامية و من خلال ما قدمته على مدار عقود مضت و معايشتها لهموم الوطن و مشاركتها في عملية بناء الدولة و حفظ كيانها السياسي ، مستفيدة من دروس الماضي و الحاضر ، مستحضرة جميع أطر الحركة في الفكر السياسي و التجربة السياسية ، يبدو واضحًا للعيان أنها تخوض غمار مخاض زاخر تطرح فيه رؤيتها المستقبلية بانفتاحها فكريًا و سياسيًا و اجتماعيًا مدللةً على مرونة مواقفها السياسية و مؤكدةً على البعد الوطني في إهتماماتها مع حرصها على التعاون و التشارك مع الآخر بكل أطيافه الوطنية ، داعية لقيم العدل والمساواة مؤمنة بالبعد الاصلاحي السياسي و على الوحدة الوطنية الجامعة و مؤكدة فيها على مسارها نحو الشراكة السياسية و الانفتاح نحو الاخر و إرساء مفهوم ” *الجماعة الوطنية* ” و الدعوة لحوار وطني و السعي للعمل مع كافة الأطياف السياسية ، لبناء السودان و أعماره ليكون في مصاف الدول الحديثة ، التي يسود فيها الاستقرار و الامن و الأمان و التسامح و نبذ العنف من العمل السياسي و اجراء حوار وطني مسئول لمعالجة ما استشكل من قضايا المجتمع ..
0 هذه الرؤية طرحتها و تبنتها الحركة الإسلامية بصورة طبيعية بعيدًا عن التزيين من المحبين او التشوية من المغرضين ،، و إيمانًا بدورها الريادي في محيطها ، و انعكاسًا فعليًا لروح الشورى داخل الحركة و دليلًا واضحاً على حكمة و فطنة قيادة مركزها التنظيمي ، و انطلاقًا من مواقفها و توجهاتها الإسلامية و من إرثها و رصيدها الثري و ما أنتجه روادها و قياداتها في مجال الفكر و الممارسة السياسية و الاجتماعية و الثقافية و التنموية و التربوية و الدعوية ، وانتمائها الوطني القوي ، مستصحبةً ، ما مرّ به السودان خلال السنوات الماضية من أحداث جسام و تحولات كبرى ، و تنامي بعض الأفكار الشاذة و سعي بعض الأطراف المغرضة لخلط الأوراق و تشوية المواقف و إلصاق التهم الباطلة بالتوجهات الإسلامية ، الأمر الذي زاد من أهمية عرض توجهات الحركة و إبراز نهج الوسطية و الاعتدال في فكرها و سياستها و ممارساتها، و تجنب أي ضبابية في الرؤية ازاء القضايا الأساسية ، كالهوية الوطنية الجامعة ، و بناء جبهة وطنية موحدة و مجتمع قوي متماسك في مواجهة الأخطار و التهديدات الداخلية و الخارجية ، وبناء انتماء سوداني أصيل و قوي ، و نفي حق إدعاء تمثيل الوطن لفرد او جماعة ، فالكل في حب الوطن شركاء ..
0 لم يكن غريبًا على الحركة الإسلامية أن تمد يدها البيضاء للجميع ، رغم ما أصابها من تنكّر و جحود ، فهذا هو دأبها و ديدنها المعهود ، عطاءًا بلا منٍ أو حدود
0 نسأل الله أن تتلقف القوى السياسية الوطنية الأخرى ما طرحته الحركة الاسلامية بالدراسة والتحليل لفتح أبواب الحوار من اجل التوافق على المشتركات لتعظيمها ومراجعة مواطن الاختلاف للتوافق حولها سعياً نحو خلق وفاقٍ وطني جامع حول قضايا الوطن الكبرى بما يناسب الاستعداد للتعامل مع تحديات العصر والنفاذ إلى المستقبل المشرق الذي يستحقه شعب السودان .
و الحمد لله على عظيم فضله و وافر نعمته و جميل منته بهذا الانتماء المحمود