رأي

الجهاز القضائي بولاية شمال كردفان وتطبيق سيادة حكم القانون في زمن الحرب

بقلم : الزين كندوة

_ من المعلوم بالضرورة عندما تتحدث عن دولة سيادة حكم القانون ، فإنك تتحدث عن دولة لا يظلم عند بابها أحد ،بإعتبار ( الناس أمام القانون سواء) .
وهذا المعيار حتي يكون واقعا ، بالطبع يحتاج لمؤسسات تعمل بكفاءة عالية لمناصرة الحق المبين ، لذلك تجد دائما القياس الحقيقي للدول المنضبطة بحقوق الإنسان وسيادة حكم القانون، هو مدي مسافتها من المنهج الملتزم بتطبيق العدالة بدون إي تأثير سياسي أو تنفيذي .

_ وفي هذا السياق ، ومن خلال إهتمامي بمتابعة ورصد ملفات الإنتهاكات الفظيعة التي وقعت على سكان ولاية شمال كردفان من مليشيا قوات الدعمالسريع ، كان بالضرورة أن يكون عظيم إهتمامي متابعة محاكمات المتهمين المتعاونين والمنتمين للمليشيا الذين وقعوا كجناة في يد السلطات الأمنية والعسكرية والإستخباراتية ، لخيانتهم لوطنهم وقواتهم المسلحة، ولاحقا أصبحوا متهمين بمواد قانونية جنائية صنفت بجرائم ضد الدولة، وتم تقديمهم للقضاء بمجمع محاكم جنايات الأبيض، ليحكم من يثبت الإتهام في مواجهته، ويبرئ من يكون برئيا من التهم الجنائية ، تنفيذا لمبدأ كل متهم برئ حتي تبثت إدانته .( وهنا تكمن أهمية سيادة حكم القانون ).

وفي هذا السياق لقد رأيت بأم عيني ، ومن داخل قاعات مجمع المحاكم الجنائية بالأبيض تبرئة بعض المتهمين ، وتم إطلاق سراحهم فورا علما بأنه وفي التحريات الاولية كانت هناك شكوك معقولة للمتحري وللنيابة ايضا بان هناك شبه جريمة بتهم تصل عقوبتها الإعدام في المرحلة الاولي ، ولكن بعد تحري المحكمة في الدعوي بكل مهنية وعدالة ، وإستجواب أطراف القضية وشهودهما يتم إطلاق سراح المتهم اذا كان برئيا ، وبذات القدر من يثبت عليهم الإتهام حسب البينات المعقولة للمحكمة تتم محاكمتهم حسب مادة الإتهام ، وقطعا المحكمة لم تغلق الباب أمام المتهم المدان في تقديم كل المرافعات التي تبرئه ،اذا كانت مقنعة للمحكمة.

_ عموما انا هنا استشهد ببعض الأحكام الجنائية التي صدرت في مواجهة بعض المتهمين والتي صدرت بتاريخ (22- 4 – 2025)
والتي جاء فيها نصا :_

اصدرت محكمة جنايات الابيض العامة برئاسة مولانا السر محمد احمد قاضي المحكمة العامة حكما بالاعدام شنقا حتى الموت ( تعزيرا ) في مواجهة المتهمة ( م. ع. ح. ت ) بعد ان تمت ادانتها في الدعوى الجنائية رقم ( 1291/2024 ) لمخالفتها المواد( 50/ 51/ 65/ 186 ) من القانون الجنائي السوداني لسنة( 1991 تعديل 2020) تقويض النظام الدستوري واثارة الحرب ضد الدولة ، والتعاون مع منظمات الاجرام والارهاب والجرائم ضد الانسانية .
بحضور محاميها ، وقد مثل الاتهام وكيل النيابة الاعلى مولانا سمية عثمان احمد ووكيل اعلى محمود عبدالباقي محمود.

(إنتهي القرار).

وهناك قرار يتعلق بمتهمة آخري نصه كالآتي: _
في تاريخ _ 22- 4 – 2025
اصدرت محكمة الابيض العامة برئاسة مولانا السر محمد احمد قاضي المحكمة العامة حكما بالسجن ( سنتين ) في مواجهة المتهمة ( ع. ا. ب . ا ) بعد ان ادانتها في الدعوى الجنائية رقم ( 4191/2024) تحت المادة( 65 )من القانون الجنائي(1991 تعديل 2020 ) التعاون مع منظمات الاجرام والارهاب بحضور محاميها وقد مثل الاتهام وكيل النيابة الاعلى سمية عثمان احمد ووكيل اعلى النيابة محمود عبدالباقي محمود.

# إنتهي نص القرار.

_ الملاحظ إن كل المحاكمات تمت بحضور محامي الدفاع، بمعني إن الحق الدستوري للمتهم وحقه في الدفاع عن نفسه لم يسقط بل كان حاضرا بغض النظر عن جريمته ، أو قبيلته أو دينه او لونه .

_ حسب تقديري _ ولما أراه من إجراءات قضائية ومحاكمات تمت في مواجهه المتعاونين والمتعاونات مع المليشيا ضد الجيش السوداني وشعب شمال كردفان طيلة الفترات السابقة ، فإن هذه الإجراءات وبهذه العدالة هي تنفيذا لسيادة حكم القانون الذي نريد ، وفي تقديري هذا السلوك القضائي في هذا الوقت العصيب (زمن الحرب) التي يعيشها السودان الآن، إذا حافظنا عليه ، وقمنا بدعمه من كل الإتجاهات سيوصلنا مسرعين جدا للتأكيد على إن الدولة السودانية ( دولة الحقوق والعدالة ) على أساس حق المواطنة والرعاية الإجتماعية وسيادة حكم القانون ، وهو ما نطلبه حقيقة .

_ صحيح السلطة القضائية تعمل مع منظومة أجهزة مهمة جدا ، وهي تمثل مدخلا لتنفيذ القانون ( الشرطة بكل أقسامها ) لذلك وحتي تصل البلاغات للمحكمة بلتخيص معقول ومفيد يساعد القاضي في وزن البينات يجب علينا فرضا أن نقوي جهاز الشرطة بالذات بالمحليات الشرقية ( ام روابة ، والرهد ابودكنة ، ام دم حاج)، وهنا اقصد ضرورة تدريب المتحريين ، كما إني أري بانه توجد ضرورة قصوى لنقل أكبر عدد من أفراد الشرطة العامة من تلك المحليات بغرض تجديد الدماء إبتداءا ( إحلال وإبدال ) وذلك لترقية المهنة وتحسين الوضع المعيشي والنفسي لهم خصوصا بعضهم شهد مشاهد كريهة في فترة الحرب ، وبالطبع هذا الراهن له تأثير نفسي سالب ربما حتي علي مستوي الإداء الإستقصائي في الكشف عن أهم وأخطر تفاصيل الجرائم.
وفي تقديري إن المتحري يمثل راس الرمح في تحقيق العدالة.
لذلك نطالب وبشدة تحسين رواتب الشرطة ،وإمتيازات إضافية للمتحريين ، كما نطالب وبشدة تكريم كل وكلاء النيابات والقضاة بولاية شمال كردفان من النائب العام ورئيس القضاء لصبرهم وممارسة عملهم مهنية عالية تطبيقا للعدالة بين الناس في زمن الحرب ، تحت وابل الرصاص الطائش وقصف الدانات الموجه .

ودمتم بخير،،،
السبت٢٦ أبريل ٢٠٢٥

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى