[[فلسفة التكامل والتفاضل وعلاقتها بشبكة العلاقات الاجتماعية من منظور عبارات قرآنية ]]

بقلم : د. بابكر عبدالله محمد علي
بسم الله الرحمن الرحيم
دكتوراه في علم اللغة التطبيقي – جامعة وادي النيل.استاذ متعاون جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا .عمادة الجودة والتطوير مركز الجودة والتميز
المقدمة:
تُعدّ مفاهيم التكامل والتفاضل من الركائز الأساسية في الفكر الفلسفي والعلمي، خاصة في مجالات الرياضيات والكيمياء والكيمياء الحيوية والفيزياء وحتي النانو تكنولوجي وعلوم الذرة ، غير أن إسقاط هذه المفاهيم على البناء الاجتماعي يُتيح إطارًا لفهم ديناميكيات العلاقات بين الأفراد والمجتمعات من منظور منهجي عميق. تسعى هذه الورقة إلى استكشاف العلاقة بين الفلسفة الكامنة وراء مفهومي التكامل والتفاضل، وشبكة العلاقات الاجتماعية، انطلاقًا من فرضية أن العلاقات الإنسانية تتأثر – كمًا ونوعًا – بعمليات التراكم (التكامل) والتباعد (التفاضل) في مستويات التواصل والقيم والمصالح.
أولًا: التكامل والتفاضل – المفهوم الفلسفي والمعرفي
التكامل (Integration):
في جوهره، يعبر عن الجمع والتراكم والانسجام بين مكونات متعددة لتكوين وحدة كلية. في الفلسفة، يرمز إلى الوحدة ضمن التنوع، والسعي نحو التوافق، والتنسيق بين الأجزاء.
التفاضل (Differentiation):
يرتبط بالتمييز والتخصص، أي إدراك الاختلافات بين الكيانات. في الفلسفة الاجتماعية، يعني بناء الفردانية، وتحديد الهويات، والتنوع داخل الجماعة.
ثانيا : من منظور عبارات قرآنية
العبارة القرآنية “اليوم أكملت لكم دينكم ورضيت لكم الإسلام دينا” هي جزء من الآية الكريمة في سورة المائدة، {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3]، وهي تعني أن الله تعالى أكمل الدين الإسلامي وأتم نعمته على المسلمين ورضي لهم الإسلام ديناً. “اليوم أكملت لكم دينكم”:تشير إلى أن الله تعالى قد أكمل الدين الإسلامي وأتم شرائعه وأحكامه، فلا يحتاج إلى زيادة أو نقصان. فالكمال لايحتاج الي زيادة والتمام ليس بعده نقصان.”وأتممت عليكم نعمتي”:تعني أن الله تعالى قد أتم نعمته على المسلمين بإكمال الدين وبعزتهم وظهورهم.”ورضيت لكم الإسلام دينا” وهي تمثل اعلي درجات الرضا والتسامح والغفران من رب غفور لا يحتاجنا في شئ وتشير إلى أن الله تعالى ارتضى الإسلام ديناً للمسلمين، أي قبلهم واختار لهم هذا الدين طريقاً ومنهجاً للحياة.
تعتبر هذه الآية من أهم الآيات في القرآن الكريم، فهي تدل على كمال الدين الإسلامي وتمامه ورضى الله تعالى به، كما ذكر القرآن الكريم. وهذه الآية تمثل قمة التكامل .وأن عبارة [[ التفاضل ]] وردت من احدي اشتقاقاتها وهي الفضل ،وردت كجزء من آية من سورة البقرة 237 “ولا تنسوا الفضل بينكم” معناها الحرفي هو “ولا تنسوا الخير الذي بينكم”. وتدعو هذه الآية إلى قمة فلسفة [[ التفاضل ]] للتذكّير بالمعروف والإحسان والتسامح والفضول التي تتم بين الأشخاص، خاصةً في حالات الطلاق أو الفراق، أو التباين وعدم نسيان الجانب الإيجابي للعلاقة السابقة. وهي تمثل بعد نفسيا لعلم اللغة التطبيقي النفسي [[ Psycholinguistics ]]
وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ:: هذا الجزء يحث على عدم نسيان المعروف والإحسان الذي كان بين الطرفين في العلاقة السابقة، سواء كانت علاقة زوجية أو غيرها من علاقات مصالح وتعاون مشترك بين مختلف الاثنيات والقبائل والعرقيات.
ثالثا : شبكة العلاقات الاجتماعية – المفهوم والسياق:
العلاقات الاجتماعية هي النسيج الذي يربط الأفراد في المجتمع، وتتراوح بين علاقات أسرية، ومؤسسية، وبيئية، واقتصادية، وثقافية. تتسم هذه العلاقات بالديناميكية، وتُبنى عبر التفاعل واللغة والمصالح والقيم.
رابعا : التكامل الاجتماعي – حالة من الوحدة في التنوع.
يُشير التكامل الاجتماعي إلى قدرة المجتمعات على استيعاب التنوع دون إقصاء، وتحقيق التوازن بين مكونات الجماعة. ويظهر ذلك في:
توسيع دائرة القبول والانتماء.
توحيد الأهداف العامة للمجتمع.
خلق شبكات دعم متبادلة.
تعزيز الثقة الجماعية.
خامسا : التفاضل الاجتماعي – ضرورة التميز والتخصص
رغم أن التفاضل قد يبدو مدخلاً للتباعد، إلا أنه شرط أساسي للنمو والتطور الاجتماعي والتسامح.
يُتيح للأفراد فرص التخصص في الأدوار.ويعزز التعددية الثقافية والفكرية.ويوفر مناخًا للتنافس الإيجابي والإبداع [[ Innovation ]] ويمكّن من بناء هويات مستقلة ومتنوعة. ويتحول التنافس السلبي الي تعاون إيجابي بين الناس أجمعين.
سادسا : التفاعل بالمجادلة بالتي هي احسن بين التكامل والتفاضل شبكة العلاقات الاجتماعية لا تنمو إلا من خلال التفاعل بالمجادلة بالتي هي أحسن بين التكامل والتفاضل. فحينما تتكامل القيم تُنتج تماسكًا، وحينما يتفاضل الأفراد تُبنى أدوار مرنة. والتوازن بين الاثنين يمنح الشبكة الاجتماعية مرونة واستدامة.
مثال: في الأسرة، التكامل يظهر في الروابط العاطفية، أما التفاضل فيظهر في توزيع الأدوار (الأب/الأم/الأبناء).
سابعا : التأطير النظري – عبر علم الاجتماع واللسانيات من منظور علم الاجتماع (بن خلدون ) التكامل ضرورة لبقاء المجتمع وتوزيع الادوار بين مختلف فئات المجتمع ، والتفاضل دليل على نضجه.
من منظور علم اللغة الاجتماعي (Sociolinguistics): لغة الجماعة تتكامل لكنها تختلف لهجيًا ومصطلحيًا بحسب التفاعل الطبقي والثقافي، مما يعكس التفاضل الداخلي.
تامنا : التطبيقات المجتمعية
1. في مؤسسات التعليم:
التكامل يُعزز العمل الجماعي، والتفاضل يُنمي التفكير النقدي الفردي.
2. في المجتمع المدني:
التكامل في القيم، والتفاضل في الأداء يخلق بيئة تنافسية صحية.
3. في الإعلام الرقمي:
التكامل يظهر في حملات الوعي الموحدة، بينما التفاضل في المحتوى المخصص لكل فئة.
الخاتمة:
إن فلسفة التكامل والتفاضل ليست حكرًا على العلوم الرياضية، بل هي أدوات معرفية لتفكيك معرفة تفصيلية لكل فرد مشمولا في بنية العلاقات الإنسانية، وفهم ديناميكيات المجتمع. من خلال هذه الفلسفة، يمكننا بناء مجتمعات أكثر مرونة، تعترف بالفردية وتحتفي بالوحدة.
توصيات:
1/تبني سياسات اجتماعية تراعي التوازن بين التكامل والتفاضل.
2/إدخال المفاهيم الفلسفية في برامج تعليم القيم والسلوك الاجتماعي.
3/تشجيع البحث الأكاديمي العابر للتخصصات لفهم العلاقات الاجتماعية بعمق.
دبوس اخير # التكامل يمثل الجودة والتفاضل يمثل التميز ..التكامل يمثل عامل استقلالية الفرد دون احتياجه للاخرين.[[ Independent ]] فلا يوجد فرد.متكامل دون الاخرين بينما التفاضل يمثل عامل التغير الثاني وهو احتياج الفرد للاخرين [[ Dependent ]] بل إن الجودة والتميز تتكئ وترقد. علي متغير الترابطيةوهو[[Interdependent]]
د.بابكر عبدالله محمد علي
استشاري وخبير الجودة والتطوير
باحث استاذ مساعد في علم اللغة التطبيقي .



