رحلة من اعماق اللغة العربية وسرها الظاهر ولكننا غافلون

بقلم د. بابكر عبدالله محمد علي
بسم الله الرحمن الرحيم
مصداقا لما قاله البروفسور عبدالمجيد الطيب عمر.. وحديثة المثميز والملئ بالمتعة والإثارة عن ثبات اللغة العربية وديمومتها .ومصداقا لما تناوله .اقوم اليوم بتناول بيتين من اشعار انجليزية ماتت و اصبحت قديمة وغير مفهومة لعارفي اللغة الانجليزية ومتحدثيها انفسهم ، وهي من شعر أواخر القرن الرابع عشر الميلادي نظمها الشاعر جيفري تشوسر ( Geoffrey Chaucer) في عام 1397م جيفري تشوسر غير مؤكد تاريخ ولادته حسب المصادر مابين أعوام (1343 –1340وتوفي 25 أكتوبر 1400) ودفن في مقابر دير الكنيسة التقليدية في لندن والتي تعرف ب [[Westminister Abbey]] وهي قرب الكنيسة التي ينصب فيه الملوك والملكات منذ العام 1066م وحتي تاريخ اليوم .وهو تاريخ قريب جدا لقيام الحروب الصليبية والتي بدأت في العام 1096م ومازالت مستمرة واستهدف فيها المسلمين عموما ثم مدينة القدس بدءا وختما …ولعل سردي لهذه الحكاوي تتسق مع ما سنذكره من قصيدة الشاعر جيفري تشوسر والذي يُعدّ من أبرز الشعراء الإنجليز في العصور الوسطى، ويقول في مطلع قصيدة خالدة تسمي حكاية ملحمة الحجيج او اسمها الأكثر تداولا [[ حكاوي من كانتربيري ]] (( Tales From Canterbury )) وتصور حركة الحجيج النصاري الي كنيسة كانتربيري وهي مقر الكنيسة الرئيس في اوربا والتي تقع في ولاية كنت جنوب انجلترا في ذلك الزمن في الدين المسيحي وسميت القصيدة بالمقدمة الطويلة وتتكون القصيدة من حوالي 860 بيتا من الشعر الذي لا يفهمه حتي ناطقي اللغة الانجليزية الحاليين من المتعلمين وغير المتعلمين ولقد اخترت لكم بيتين فقط من بداية القصيدة :
> Whan that Aprille with his shoures soote
The droghte of Mach hath perced to the roote,
ولبيان صياغتها بشكل حديث مفهوم من منطلق إعادة الصياغة [[ Paraphrase ]] يمكن قراءتهم علي النحو التالي لكي نفهم البيتين .
> When April, with his sweet showers fallen , has pierced the drought of March to the root,
من الواضح أن ابريل هو بداية فصل الخريف وبمراجعة دقيقة للبيتين نجد انه حتي الذكاء الاصطناعي لا يأتي بترجمة دقيقة للغاية في مثل نوعية هذه الأشعار القديمة وهذه دلالة واضحة علي موت اللغات القديمة وموت من يديرون الذكاء الاصطناعي انفسهم ولكن هناك ضرورات وأسباب مادية ومنطقية جعلت من بعض اللغات العالمية حية بفعل العمل والجهد الكبير الذي يبذل فيها استنادا علي مجهودات تاريخية قديمة أفاد بها علماء اللغات الغربية من قواعد وصرف ونحو اللغة العربية في المقام الأول.او لضرورات وبارادة رب العباد الله سبحانه وتعالي ولسنن صراع الحق والباطل الباقية الي يوم الدين . ولتقريب الصورة دعونا نتناول اشعار عربية في نفس فترة جيفري تشوسر لنري ثبات وحيوية اللغة العربية والي نماذج من نفس اشعار العرب خلال القرن الرابع عشر الميلادي ..
فيما يلي بعض النماذج من أشعار العرب:
1. ابن نباتة المصري (686–768هـ / 1287–1366م)
ويعد من أبرز شعراء المديح والغزل في القرن الثامن الهجري:
> إذا غامرتَ في شرفٍ مرومِ
فلا تقنعْ بما دونَ النّجومِ
فطَعمُ الموتِ في أمرٍ حقيرٍ
كطعمِ الموتِ في أمرٍ عظيمِ.
(من قصيدة في الحِكمة والمروءة)
2. لسان الدين بن الخطيب (713–776هـ / 1313–1374م)
وهو اديب أندلسي كبير، كان وزيرًا وشاعرًا وفيلسوفًا:
> جادَكَ الغيثُ إذا الغيثُ همى يا زمانَ الوصلِ بالأندلسِ
لم يكن وصلكَ إلا حُلمًا في الكرى، أو خلسةَ المختلسِ
(من قصيدته الشهيرة “جادك الغيث” في الحنين إلى الأندلس)
3. ابن الوردي (691–749هـ / 1292–1349م)
شاعر وأديب من حلب، له “لامية ابن الوردي” المشهورة في الزهد والحكمة:
> اعتزلْ ذكرَ الأغاني والغزلْ
وقلِ الفصلَ وجانبْ من هزلْ
ودعِ الذكرى لأيامِ الصِّبا
فلأيامِ الصِّبا نجمٌ أفلْ
4. الصفدي (696–764هـ / 1296–1363م)
كان شاعرًا ومؤرخًا بليغًا، وله شعر في المديح والوصف:
> يا من إذا ابتسمَ الربيعُ بوجهِه
ضحِكَتْ بروضتهِ الثغورُ الجُودُ.
هذه نماذج من اشعار قليلة من نفس الفترة التي صور فيها ملحمة حجيج النصاري الي رئاسة الكنيسة في كانتربيري وعندي انها كانت من بوادر تحشيد النصاري لغزو المسلمين فيما عرف بالحروب الصليبية بدأت عام 1096 م وما زالت مستمرة الي يومنا هذا والتي كانت وما زالت تدار بعملاء وحواسيس مسلمين من اهل الشقاق والنفاق وما زالت الساقية والطاحونة تدور طحنا وتقتيلا في المسلمين ولكن ظل عزاؤنا ويقيننا راسخا وثابتا طالما ان هناك دستورا محفوظا لا يأتيه الباطل من بين يديه او من خلفه وهو القرآن الكريم والذي انزل بلسان عربي مبين لاجناس العالمين كافة وليس مخصوصا بقبائل الأعراب الذين قال فيهم الأعراب أشد كفرا ونفاقا واجد ان لا يعلموا حدود ما انزل الله ..
وبالله التوفيق والسداد.
د.بابكر عبدالله محمد علي






