رأي

خالد مـحــمـد الباقـــــــــر يكتب: على نــــــــــار هادئــــــــــــة … إلى خندق الانتماء الحقيقي .

رأي:خطوة برس

⭕ لقد أثبتت اللحظة الراهنة في السودان أن المشهد لا يكتمل بمجرد الوقفات التضامنية أو المسيرات الحاشدة لدعم القوات المسلحة . تلك الأفعال ، وإن كانت تعبيراً عن عاطفة وطنية جياشة ومهمة لرفع الروح المعنوية، تظل مجرد خطوة أولى لا تلامس جوهر التحدي .
⭕ فالدعم الحقيقي، والسند الأصيل الذي ينتظره الوطن من أبنائه ، لا يمكن أن يُختزل في لافتة أو هتاف . إنه يكمن في الانخراط الفعلي والمباشر ، في حمل السلاح والتشبث بـ الزي الأخضر والكاكي ؛ رمز العزة، والكرامة، وشرط الرجولة في الدفاع عن حياض الوطن .
⭕ إن الاصطفاف الوطني لا يُصنع في الساحات العامة وحسب ، بل يُبنى في ميادين التدريب ومعسكرات التجنيد . هذا هو المعيار الصارم الذي يفرز الوطنية الصادقة عن مجرد التعبير العابر . فالعدو لا يُردع بالكلمات فقط ، بل بالانتماء العميق لجدار الحماية الوطني ، وبتحويل الولاء المجرد إلى قوة قتالية منظمة ومُدربة .
⭕ لكن هذه الدعوة الصريحة للانضمام تستدعي في المقابل التفاتة حاسمة من قيادة الدولة . فالتضحيات الجسام التي قدمها جنودنا البواسل ، الذين نذروا النفس رخيصة في سبيل تراب هذا الوطن ، تستوجب أكثر من الشكر والثناء . يجب أن يكون هناك سند مؤسسي حقيقي يترجم التقدير إلى واقع معيش .
⭕ إن تحسين الأوضاع المادية والاجتماعية للعسكريين ، من رواتب عادلة ، وتأمين صحي كريم، وضمان لمستقبل عائلاتهم، ليس مجرد إنفاق رفاهي، بل هو استثمار استراتيجي في الأمن القومي . هو الشرارة التي يمكن أن تُحفّز أجيالاً من الشبابنا للانضمام بوعي ورغبة إلى صفوف القوات المسلحة . عندما يرى الشاب أن الانتماء للجيش هو طريق العزة والكفاءة والاستقرار ، لا طريق الشظف والمجهول، حينها فقط يكتمل الحافز لردع العدوان ، وحفظ النظام ، والحفاظ على الهوية الوطنية التي تُصهر في بوتقة الزي العسكري .
⭕ لقد وضع المشهد الراهن قيادة الدولة أمام مسؤولية تاريخية ، لا يكفي أن نطلب من الشباب أن يقاتلوا ، بل يجب أن نؤمن لهم أولاً الحياة الكريمة التي يستحقونها لقاء هذا التضحية . هذا هو العقد الاجتماعي والوطني الذي لا يكسر . فالانتماء الحقيقي للقوات المسلحة هو مفتاح الخلاص، وهو ركيزة الدولة المستقرة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى