الطيب الامين يكتب : صناعة المحتوى على تيك توك تضييع للقيم أم استثمار في الإنحلال؟!

رأي: خطوة برس
نتفق على أن تيك توك لم يعد مجرد تطبيق للتسلية بل تحول سلاحاً ناعماً يضرب في عمق المجتمع السوداني ويهز أركان القيم التي تربينا عليها، فقد تسلل إلى عقول شبابنا ومراهقينا حتى تحولوا أسرى لمقاطع سطحية لا تقدم علماً ولا تبني وعياً بل تزرع هوساً بالشهرة وتغذي عقلية اللهو والكسل، ومن المؤسف أن كثيراً من الشباب السوداني الذين كانوا يوماً رمزاً للجد والاجتهاد اليوم يقلدون حركات راقصة وألفاظاً دخيلة ويعرضون تفاصيل حياتهم الخاصة بلا حياء ولا وازع أخلاقي، وهذا لم يكن جزءا من ثقافتنا ولا من عاداتنا، بل هو غزو ناعم يغير فينا دون أن نشعر، فبدلا من أن ينشغل الشباب بالدراسة والابتكار والعمل الشريف اليوم يطاردون الأضواء الوهمية عبر شاشات الهاتف، ومن أجل بضع مشاهدات يضحون بسمعتهم وبقيم أسرهم ويعرضون أنفسهم وأهليهم للسخرية العامة، بل إن بعض الفتيات أصبحن يتنافسن في عرض صورهن بطريقة لا تليق ببنت السودان التي كانت مضرب المثل في الحياء والكرامة، والنتيجة أننا نشهد تراجعاً مقلقاً في احترام الكبار وفي روابط الأسرة وفي مكانة المعلم والعلم نفسه، فجيل التيك توك يقضي ساعاته في الاستهلاك لا الإنتاج، وفي الضحك الفارغ لا التفكير الجاد، وهذه كارثة إن تركت بلا معالجة ستفرغ المجتمع من محتواه وتحول الشباب إلى مجرد نسخ مقلدة لثقافات غريبة لا علاقة لها بترابنا ولا بتاريخنا، لذلك لا بد من وقفة قوية تضع حداً لهذا الانحدار وتعيد الاعتبار للقيم السودانية الأصيلة قبل أن نجد أنفسنا أمام أجيال ضائعة تائهة بين وهم الشهرة وفراغ المعنى.






