رأي

خالد محمد الباقر يكتب : ( ضياع صورة ) … كيف يمكن للفن أن يتحول إلى أداة للإذلال والتنكيل بثقافة وتاريخ شعب بأكمله ؟

رأي: خطوة برس

على نار هادئ

( ضياع صورة ) …
كيف يمكن للفن أن يتحول إلى أداة للإذلال والتنكيل بثقافة وتاريخ شعب بأكمله ؟

⭕ في الحواري والاذقة الضيقة ومن كل مدن السودان ، حيث تتلاصق البيوت بعضها ببعض كأنها تسعى لسماع أسرار بعضها البعض ، وُلدت أصواتٌ تحاول أن تصرخ بكل ما أوتيت من قوة، مغنيون يهوون الغناء حد الجنون ، يُحاولون جاهدين لفت الأنتباه .
⭕ لم يكن منتوجهم و أصواتهم تلك رسائل ذات معاني سامية ، وإنما أصوات مبحوحة تتسابق مع ضوضاء الشوارع المزدحمة ، تغني للهو واللعب ، بلا هدف أو رسالة .
وجد هؤلاء الفنانون طريقاً إلى مصر ، من خلال النزوح وما تشهده البلاد من اختراق وتمرد وحرب طحون .
⭕ حيث أصبحوا ورماً خبيثاً ينتشر في المقاهي الليلية والكافيهات ، يقدمون فناً رخيصاً يشوه صورة السودانيين أمام العالم .
في بلد يسعى للنهوض من آلامه وجراحه ، أصبح هؤلاء بمثابة شوكة في خاصرته، تؤكد كل ليلة كيف يمكن للفن أن يتحول إلى أداة للإذلال والتنكيل بثقافة وتاريخ شعب بأكمله .
لم تعد وسائل التواصل الاجتماعي مجرد منصات للتواصل ونشر المعرفة والثقافة، بل تحولت إلى مسارح تعرض عليها هذه المهازل الفنية، مسارح تتسع يوماً بعد يوم لتشمل جمهوراً أوسع يتلقف هذا الفن الرخيص الذي ينتحل صورة الفن السوداني، مما يزيد من تأثيرهم السلبي على صورة السودانيين في الخارج.
⭕في تناقض صارخ مع ظروف البلاد المدمرة، التي تشهد ويلات الحرب والدمار، يستمر هؤلاء في إنتاج هذا النوع من الفن، غافلين عن الدور الحقيقي الذي يمكن للفن أن يلعبه في العلاج والترميم، في التوعية والبناء .
⭕ جلهم يغنون باسم السودان وهم ينتحلون هويته ، ممزقين الوشاح الأخلاقي الذي كان يفترض أن يوحدهم .
⭕ قد تظل هذه الصورة المشوهة تلاحق السودانيين لفترة، لكن في النهاية، يبقى الأمل في أن يستعيد الفن السوداني مكانته الحقيقية ، فن يعبر عن هوية شعبه، فن يحكي قصص النضال والصبر والأمل ، فن يلملم جراح الوطن ويعيد
له توهجه المفقود .
⭕ لطالما كان الفن السوداني مرآة تعكس ثقافة وتراث السودان العريق، إلا أنه في السنوات الأخيرة ، واجه الفن السوداني سلسلة من التحديات التي أساءت إلى جوهره ومكانته .
⭕ تتعدد أشكال الإساءة من التجاهل والتهميش إلى تسطح توهان الكيانات المعنية بضبط مشهد الفنون والفن بالبلاد ، حتي من قبل الحرب ، مما يؤثر على الفنانين والمجتمع السوداني بأسره .
⭕ تؤدي الإساءة إلى الفن السوداني إلى خلق بيئة غير داعمة للفنانين الحقيقين ، مما يثبط من عزيمتهم ويقلل من فرصهم في التطور والابتكار .
⭕ كما أنها تؤثر على المجتمع بأسره ، فالفن هو تعبير عن الهوية الثقافية، وبالتالي، فإن الإساءة للفن تعد إساءة للثقافة السودانية نفسها .
⭕ يعود تراث الفن السوداني إلى آلاف السنين، فهو يمزج بين التأثيرات الأفريقية والعربية والنوبية، مخلفًا إرثًا غنيًا من الأعمال الفنية التي تتنوع بين الرسم، النحت، الموسيقى، والشعر .
⭕ يستحق هذا التراث الاحترام والتقدير والحماية ليبقى شاهدًا على غنى وعمق الثقافة السودانية .
⭕ يجب أن ندرك جميعًا أهمية الفن كجزء لا يتجزأ من تراثنا الثقافي وهويتنا الوطنية .
⭕ ينبغي تضافر الجهود لحماية الفن السوداني ونشر الوعي بقيمته الحقيقية ودوره في تعزيز الحوار الثقافي والتعبير عن الذات .
⭕ إن حماية الفن السوداني وتشجيعه هي مسؤولية تقع على عاتقنا جميعًا، من أجل مستقبل مزدهر يحتفي بالتنوع والإبداع .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى