د.بابكر عبدالله محمد يكتب :(( نحو منهجيات جامعة قاصدة لتجديد الفكر الاسلامي )) المنشور العاشر ( ٣ من ٥ )
رأي: خطوة برس
بسم الله الرحمن الرحيم
مواصلة للمنشورات السابقة حول بناء منهج جامع سليم للعمل علي نسج شتات الكلمة والملة وفقا لمنظور تجديد.الفكر الاسلامي الذي كاد ان يضيع وفقا للانقسامات التي شلت جماع وكلمة الأمة..
نواصل من حيث انتهي المنشور السابق …وهو دور و أهمية المنظور الفلسفي الذي يتكئ علي بناء اي منهج فالح وسليم وقاصد لتحقيق أهدافه الاستراتيجية ….وهذا يقودنا ان نتعرف الي ان هناك العديد من الفلسفات القديمة والعريقة ومنها الفلسفة اليونانية (( الاغريقية )) والفلسفة الوجودية والفلسفة الوضعية وغيرها من انواع الفلسفات ولكن ما يهمنا هنا هو التعريف بمنهج الفلسفة الاسلامية والذي نحن بصدد بناء منهج قاصد علي ضوئه تستمد منه الفلسفة الإسلامية مغزاها ….. و هي علم يقّدم تصور الإسلام و رؤيته حول الكون و الخلق و الحياة و الخالق ، و أهمية البحث ومنهجه وبنائه تكمن في أهمية موضوعه الاساس وهو القرآن الكريم ، و أهمية تفسيره و تدبر آياته ومراميها ومقاصده ، و تعد الفلسفة الإسلامية من أهم المصادر العقلية والمعرفية والتي تعين على فهم القرآن الكريم واهدافه ككتاب ومنهج .
وأن اسس بناء المنهج في عصرنا المعاصر هذا يبني علي اسس أربعة وهي علي النحو التالي :
١/ الاساس الايماني و العقائدي و التوحيدي .
٢/ الاساس الاجتماعي .
٣/ الاساس النفسي .
٤/ الاساس المعرفي ….ولقد استفاد قدامي الفلاسفة في العصر العباسي والاموي من الفلسفات القديمة والتي ترجمت عبر الفرس والاعاجم بعد ان اعتنقوا الاسلام في وقت مبكر ومنذ بدايات القرن الثاني عشر الهجري .حيث اسر سيدنا خالد.بن الوليد في غزوه لبلاد.الفرس اسر الفارسي بن اسحق والذي ولد ابنه محمد بن اسحق في المدينة وهو كاتب السيرة الذي استند عليه بن هشام في تدوين السيرة النبوية الشريفة ..وشكل هذا التلاقي و التداخل ومهد لنقل المعارف في مراحلها الاولي والتي كانت اساسا معرفيا عميقا لانتشار مختلف المعارف والفلسفات ..وكانت مدخلا طيبا في ترجمة العديد من كتب الفلاسفة .ونشات نتيجة لهذا التلاقي مدخلا درس من خلاله الفلاسفة المسلمين الأوائل بعض المعارف مما ترجمه لهم الاعاجم الذين وفدوا للحجاز والإسلام من شتي البقاع و بشتي الطرق فقام اوائل رواد الفكر الاسلامي فدرسوا المنطق (Logic) والفلسفة الاغريقية (( Grerk philosophy )) والجبرا (( Algebra )) والرياضيات (( Mathematics )) والهندسة (( Geometric)) والفلك(( Astronomy )) والكيمياء (( Chemistry )) وحتي الموسيقي وعلم النفس وعلم السيمياء والعلوم كافة .فبرز فلاسفة مسلمون كثر في شتي العلوم والمعارف في بغداد.والاندلس وغيرها من المدن الاسلامية في بخاري وسمرقند وطشقند وخراسان وغيرها من الامصار وبرعوا فيها وبرع فيها فلاسفة مسلمون كثر لا يتسع المجال لذكرهم .
ولعل حادثين من مجموع متفرقات من عدة حوادث أثرا في مسيرة استمرار منهج المدينة الأول في عهده صلي الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون من بعده عليه الصلاة والسلام
اولها ايجابيات وأخطاء حكم الدولة الأموية والتي حكمت حوالي تسعون عاما من توريث للحكم وغيره من ممارسات .للحكم نتيجة التقائهم بمعارف وثقافات … واعقبها ايجابيات وأخطاء اخري خلال حكم الدولة العباسية والذي استمر لثلاث قرون . وانتهت بسقوط بغداد في عام ١٢٥٨م . ولعل حادثين كبيرين قلبا مناهج التفكير والتنوير والتطبيق والتخطيط لبناء الأمة راسا علي عقب هما الغارات الكبري علي العالم الإسلامي:
١/ الغارة الاولي تمثلت في الحروب الصليبية والتي شنها التحالف الصهيوني مابين النصاري واليهود والذي ما زالت تستعر وتشتد. ضد المسلمين ومنذ بدايته في القرن الحادي عشر ١٠٩٥م وحتي تاريخه …وهذا مبحث طويل يحتاج لمجلدات ضخمة للتدليل والبرهان علي صحته وتاكيد استدلاله .
٢/ الغارة الثانية تمثلت في استخدام الترجمة كسلاح لخدمة أهداف السيطرة علي العالم الاسلامي وعلي طرائق التفكير العقلي وتشكيله في العالم الاسلامي وهو .الاستشراق.و هو عبارة عن حركة فكرية وفلسفية أسسها البيروقراط في بريطانيا بغرض فهم ثقافات وفلسفات وأديان الشرق إبان الاستعمار البريطاني للهند أواسط القرن الـ 18، وتوسعت حركة الاستشراق في الدول الاستعمارية كبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، ودُرِست من قبل الأكاديميين في أروقة الجامعات والمعاهد العلمية بصورة أكثر منهجية، وشملت الشرق الأقصى. كله روسيا والصين وما جاورهم بغرض الحد من انتشار الاسلام ..
وطيلة تاريخ الإسلام المعاصر ومع تلك الغارات المخططة اختفت منهجيات ذات صبغة اسلامية بصورة شبه كاملة في العالم الإسلامي.وضاعت معالم للتفكير الاسلامي الراشد …الا من خلال فترات متباعدة ظهرت خلال الفترة الاولي بروز المفكر والفيلسوف التونسي ابن خلدون المولود في عام ١٣٣٢م وتوفي في القاهرة في ١٤٠٦ م وهو مؤرخ وفيلسوف اجتماعي وسياسي، ويعد أحد أبرز علماء القرون الوسطى، ومن أكبر المؤرخين العرب. و ينسب إليه تأسيس علم الاجتماع، وهو واضع أصول فسلفة التاريخ،و أنتج موسوعة تاريخية اعتُبرت من أهم مصادر الفكر العالمي، إضافة إلى كتابه “المقدمة” الذي اكتسب شهرة ضربت الافاق العالمية .
والفترة الثانية والتي برزت مع حركات التحرر من الاستعمار وبصبغة اسلامية جهادية طاغية تمثلت في حركات المتصوفة الدروايش وحركة الإسلام المعاصرة والتي اتخذت مسميات مختلفة مثل الجماعة الاسلامية في باكستان والهند بقيادة ابو الأعلي المودودي وحركة الاخوان المسلمين في مصر والتي انداحت في كل الدول العربية والاسلامية وبمسميات متباينة ومتقاربة وحركةالمجدد الامام محمد بن عبدالوهاب في الحجاز .وبروز الشيخ محمد.عبدة وجمال الدين الافغاني وغيرهم كثر …وليس من. الإمكان حصرهم في منشور قصير وبهذه الطريقة الغير متوازنة ذلك أن حركات التجديد متفاوتة ومتباينة وبمسميات متعددة وبعضها .حركات متطرفة في التوجه والصبغة وبعضها يدعو للشك والريبة واصدقها في تقديري دولة المرابطون والموحدون في الشمال الافريقي واكذبها واضلها حركة ودولة الموحدين في الشام والتي انتشرت وسط الدروز في جبال لبنان وهضبة الجولان في سوريا والعراق وفلسطين والاردن وهي بصورة اعتناق اقل في الثلاث دول الأخيرة..وللفكر التوحيدي عند الدروز علاقة عضوية بالفكر الصوفي الاسماعيلي الباطني ..ولتشعب الموضوع المطروح لبناء منهج قاصد يجدد الفكر وطرائق التفكير المستقبلي للأمة الاسلامية والسودان علي وجه التحديد. أكتفي بهذا القدر …لنتواصل في المنشور القادم بغرض التلميح لماذا الفشل في بناء منهج تجديدي قاصد ..
والله اسأله التوفيق والسداد .
ونواصل في المنهج والمنهجيات لغد افضل بإذن الله تعالي .
والله ولي التوفيق
د.بابكر عبدالله محمد علي
الخميس ٥ ديسمبر ٢٠٢٤م